Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

– إننا نعتقد بأن تأثير القول مستند إلى مباركة الله عزوجل ، ولا سيما إذا كان في بيت من بيوته ، وفي يوم جمعة ، فهو الذي يجعل لتلك الكلمة أثراً ، إذ أن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف ومتى شاء .

وفي هذا الحديث سيتم إلقاء الضوء على بعض الملاحظات المتفرقة :

– إن البعض يشتكي من فقدان السيطرة في مجال الشهوات ، والحال بأنه هو الذي أوقع نفسه في هذه المشكلة ، بجعلها في موضع الإثارة.. ومن المعلوم أن مثل هذه الأمور بعض الأوقات لا تحل بالموعظة ، إذ أن هنالك غددا تصب إفرازاتها في الجسم فتثير شهوة الإنسان.. ولذا نجد أن الإسلام شدد على هذه الناحية ، فأمر بغض البصر ، ويشير إلى ذلك قوله تعالى : }وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} ؛ وحرم الخلوة بالأجنبية ، وقد قال الرسول (ص) : ( ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما ).. ومن المراحل الخطيرة أن يصل البعض بسبب التمادي في الباطل والمعصية ، إلى سلب نور الإيمان ، فيحرم التوفيق العبادي ، فتراه يقف بين يدي الله عزوجل ليصلي ، ولكن وجوده لا يقبل الصلاة !..

– إن من دواعي العجب أن العلم اليوم يحترم كل التخصصات المهنية والأكاديمية، فيرون أن من مصاديق الحركة الشاذة أن يتكلم الإنسان في غير حقل تخصصه ، حتى وصل الأمر إلى رفض قول الطبيب العام فيما يتعلق بالتخصصات الدقيقة في الجسم.. وهذا كله في علم الأبدان.. ولكن عندما يصل الأمر إلى علم الأديان، فإننا نلاحظ انقلاباً في هذا المفهوم، فالبعض يعطي نفسه الحق في أن يتكلم نيابة عن الشرع في كل موقع وزاوية، وذلك لأنه يبنى على مجموعة من النصوص المرتبطة من خلال الوحي السماوي… ومن المعلوم أن الإسلام يعتبر من أدق وأعمق مظاهر الحضارة الفكرية ، ولا يحيط بأسراره إلا الذين أنسوا بروح الشريعة وعرفوا محكمها من متشابهها، وفرقوا بين الدخيل والأصيل في تراثها.. ومن هنا شهدت الروايات أنه من أفتى بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.. لذلك ينبغي علينا حفظ حرمة التخصصات في مختلف الحقول ، ومن أوفى الحقول احتراماً هي حرمة حقل شريعة رب العالمين.. ولكن هذا لا يعني غلق أبواب الفكر والتأمل ، والدعوة إلى احتكار الثقافة الدينية، بل إننا ندعو إلى عملية التدبر والتفكير الذي أمر به القرآن ، ولكن من خلال القنوات الشرعية والثوابت المتفق عليها.

– إن لكل حركة عبادية : صلاة ، صوماً ، حجةً ، عزاءً ؛ ثمرة مرجوة منها ، ألا وهي الورع عن محارم الله عزوجل.. ولكن مع الأسف ما يُرى هذه الأيام عند البعض من التوغل في ممارسة الحرام ، بعد أي عمل عبادي ، بدعوى أن لديه فرصة التطهر من جديد في موسم عبادي آخر.. أليس هو بهذا الأسلوب يعد مستهزئاً بالنفس والمولى جل وعلا ؟!.. أو ما علم هذا المسكين أن الله لا يخدع وهو خير الماكرين؟!.. وعليه، ينبغي علينا التوازن الشعوري والفكري ، فمجرد العواطف وذرف الدموع المحرقة لا يكفي ، وهذا إمامنا الصادق(ع) يستنكر ذلك الفعل فيقول:

تعصي الإله وأنت تزعم حبه *** هذا لعمري في الفعال بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع

– لنلتزم بصلاة أول الوقت ، فإنه مفتاح صغير لخزائن كبيرة وجواهر قيمة.. ومما نقل من أحد تلاميذ العالم الكبير السيد القاضي ، أنه قبيل وفاته أراد أن يلخص مدرسته العرفانية الأخلاقية ، فقال لتلاميذه 🙁 عليكم بصلاة أول الوقت ).. ومن المعلوم أن إمامنا الحسين (ع) كان يقاتل في يوم عاشوراء وعينه في السماء ، لئلا تفوته فضيلة أول الوقت ، وإذا بذلك المقاتل يذّكر الإمام (ع) بدخول الوقت -وهو الذاكر- ، فيدعو له قائلاً : (جعلك الله من المصلين).. وكذلك مولاتنا زينب(ع) فإنه لم تفتها صلاة المغرب ليلة الحادي عشر من محرم ، برغم الفاجعة لأليمة التي حلت بها.

– لنرفع في هذه السنة شعار: ( خير رمضان مر علينا ) .. فهذه خير فرصة ، لمن يريد الوصول إلى الدرجات العليا من الكمال .. ولنعلم أن أفضل الأعمال العبادية ، هو العمل على تنقية القلب من كل الأمراض الباطنية.. فإن القلب إذا صار سليماً ، صار محطاً للألطاف الإلهية.. لماذا لا نحاول أن نصل إلى هذه الدرجة التي وصل إليها إبراهيم الخليل (ع) : {إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} ؟.. أن ينظر الإنسان إلى قلبه ويرى إن كانت فيه بوادر حسد ، أو سوء ظن ، أو ميل إلى متاع الدنيا ، أو غيره من الأمراض الباطنية ، ويقتلعها من جذورها اقتلاعاً ، ليصل إلى تلك الدرجة العالية..

قال تعالى : {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.. لم يقل (لا يعلون) بل (لا يريدون) ، أي أن هؤلاء يعملون على مستوى الإرادة في تنقية القلب.

– نحن مع الأسف نعتقد بإمامنا الحجة (عج) اعتقادا سطحيا مجردا ، فلا نعيش قيادته ولا نفكر في آلامه.. إن أحدهم إذا كان رقيقاً في قلبه لا يكاد ينام إن سمع بمصيبة من مصائب المسلمين ، فكيف بالإمام (ع) وهو مجمع المصائب والآلام في هذا العصر ؟!.. هل فكرنا أن تتقرب إليه ؟.. علينا أن نكثر الدعاء له بالفرج ، وأن نتصدق عنه ، ونهدي له بعض الأعمال التي تدخل السرور على قلبه.. علينا أن نتجنب ما يؤذيه ، ويؤخر في تعجيل فرجه.. وهنيئاً لمن تقبل الإمام تقربه ودعا له ، أو هل ترد له دعوة ؟!.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.