Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

إن الكسل مرض، إذا دخل في حياة الإنسان حول العبد إلى موجود مشلول.. والكسل نوعان: كسل مطلق، وكسل نسبي.. ومثال ذلك الإنسان الرياضي، الذي يكون مستعدا لأن يركض عدة ساعات من زاوية إلى زاوية، ولا يشعر بالملل.. بينما عندما يأتي إلى الصلاة، فإنه يتثاقل عن أداء ركعتين.. وذلك لأن الإنسان ينشط في المجال الذي يرغب فيه.

· موجبات الكسل في حياتنا: لابد أن هناك سبباً وعلة لهذا المرض الذي أُصبنا به، والذي خالط حياتنا، وجعل منا أناسا كسالى، مبتعدين عن كل قيم النشاط والحركة الهادفة للسير إلى الله تعالى.
أولاً: فقدان الهدف: إن الإنسان الذي يعيش بلا هدف ولا غاية، يعيش حالة من حالات الكسل والتقاعس!.. كالتاجر -مثلاً- إن كان صاحب مال، ولكن لم يبنِ تجارته على أساس صحيح، كأن لا يكون عنده خطة عملٍ، أو لا يكون عنده محل للبيع.. فإن هذا التاجر حتماً سيعيش حالة من حالات التقاعس عن العمل.. وعليه، فلا بد لنا أن نفهم الهدف الذي يجب أن نجعله نصب أعيننا، وقد أشار الله عز وجل إلى الهدف من خلقنا بقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.. ولو أننا أطلقنا العنان لنرى الثمار التي سنجنيها عاجلاً في الدنيا، أو آجلاً في الآخرة، لدبّت حركة النشاط في أنفسنا، وذلك بعد أن نجعل الهدف السامي أمامنا.
ثانياً: تكرر الإخفاقات في الحياة: إن تكرر الفشل والإخفاقات في حياتنا، قد يهزم الكثير منا، ويجعلنا نعيش حالة من حالات اليأس من روح الله.. وهذا اليأس حتماً يدفعنا للتقاعس والكسل، إذ أن كل حركة ننوي القيام بها، يكون اليأس هو المسيطر فيها، وهو الآمر -في كل الأحوال- لنا بالتقاعس والكسل {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.. ولنأخذ بعين الاعتبار أن (اليأس من رحمة الله، من كبائر الذنوب).
ثالثاً: العيش مع الكسالى: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم مَن يخالل).. إذ أن الإنسان يتأثر بالأصحاب والرفقاء في كل الأمور، حتى في مسألة الكسل، فالإنسان إن عاش في وسط من الرفقاء والأصحاب الكسالى، فإنه سيرى أن هذه الحياة هكذا كما يتعامل معها الناس بالكسل والخمول.. لذا فلا بد لنا من مصاحبة رفقاء، لهم هدف سامٍ في هذه الحياة، لنسير نحن كذلك على نفس الهدف.
رابعاً: الرضوخ للواقع: إن الرضا بالوضع الذي نعيش فيه، لا يدعنا نتطلع إلى المستقبل، ولا أن نتقدّم في الخطوات للسير إلى الله سبحانه وتعالى.. وهذا أيضاً سبب من أسباب الكسل المهمة.
خامساً: الانسياق وراء الشهوات والانصياع لمتطلباتها: إن هذا العامل هو أيضاً من أهم العوامل، التي تجعل الفرد يميل إلى الكسل والخمول.. إذ أن المنصاع وراء تلك الشهوات الخادعة، سرعان ما يمل منها، وإن كان سعيه حثيثاً وراءها، سواء أكانت هذه الشهوة متمثلة في شهوة الطعام، أو شهوة النساء، أو شهوة جمع المال، أو غيرها من الشهوات.. وعليه، فإن على المؤمن كبت هذه الشهوات الجامحة، وجعل العقل هو المسيطر والرائد في هكذا أمور.
سادسا: مسألة العجلة المترقبة لكسب الثمار: إن الكثير من الناس، يسمع عن أحوال المؤمنين الذين جاهدوا أنفسهم طويلاً، والتجليات الجليلة التي تحصل لهم، جراء الأعمال الصالحة، والشغل الدؤوب الذي شغلوا أنفسهم به، لتصل إلى أسمى المراتب.. والكثير من الناس يود أن يقتصر الطريق في خطوة واحدة، فيلاحظ أن التجليات التي يترقبها لم تقبل عليه.. لذا ييأس ويكسل، ويبتعد عن الانخراط في أجواء العبادة والطاعة.
سابعاً: كثرة الطعام، وكثرة النوم: إن الروايات الواردة عن هذين الأمرين كثيرة جداً ومستفيضة، والروايات على كثرها تنهى عن النوم الكثير والأكل الكثير، إذ أنه يثقل حركة الإنسان، ويجعل منه جثه فارغة، لا هدف لها ولا عمل، إلا النوم والأكل.. فإذا أقبل الإنسان على الطعام وملأ بطنه بالأكل، فإنه يتثاقل عن العبادة والطاعة، ويحدث له الكسل غير المرغوب فيه.

· ابتلاءات الكسل وعواقبه الوخيمة: بما أن الكسل هو داء الروح وداء النفس، لذا فمن البديهي جداً أن يكون لهذا المرض ابتلاءات وعواقب، ومن أهم تلك الابتلاءات هذان الابتلاءان:
أولهما: أن يترك ما أمر به من قبل الله عزوجل من واجبات، ويقبل على المحرمات.. كأن يترك الصلاة، والصوم، والحج، وغيرها من العبادات، كسلاً وتثاقلاً.
وثانيهما: أن يقبل على الطاعة جسداً لا روحاً، فلا يحس بأية قيمة روحية.. ناهيك عن تلك العواقب المعدة في يوم تشخص فيه القلوب والأبصار.

· كيف نعرف هل نحن من زمرة الكسالى؟.. يستطيع كل إنسان أن يعرف نفسه، إن كان من زمرة الكسالى أم لا، من خلال ثلاثة أمور:
أولا: في حقل المناجاة.. ثانيا: في ذكر أهل البيت (ع) وأفراحهم، وأتراحهم، والتفاعل معها.. ثالثا: في التفاعل مع إمام العصر (عج).. فإذا وجد أنه متفاعل مع هذه العناصر الثلاثة، فهذا يعني أنه بعيد عن الكسل وأصحاب الكسل.. وإن وجد نفسه كسولاً في واحد من هذه الأمور، فحتماً هو من تلك الزمرة الكسولة.

· علاج الكسل: إن للكسل طرقا عدة لعلاجه، ولتصيد الفيروسات التي انتشرت في جسم الكسول، حيث أنه يستطيع التخلص منها إن قام بأعمال ترفع عنه الكسل، ومن هذه الأعمال: الغسل، والدعاء في أجواء من جمال الطبيعة، والخروج من الأجواء التي تدعو للكسل، والالتجاء إلى الله للعون للتخلص من الكسل.. وبالتالي، فإنه يجب أن يكون شعارنا: (الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما) ليقينا من هذا الداء.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.