Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

الاستعداد النفسي والفِكري والروحي..
لابد من تهيئة النفوس قَبلَ موسم الحصاد، فشهر رمضان المُبارك ليس شَهرُ الزراعة؛ بل هو شَهرُ استثمار الجِهود طوالَ العام. والذي يتكاسَل ويُريدُ في شَهرِ واحد أن يَزرَعَ ويحصَد معاً، فإن هذهِ الفترة قَد لا تَكونُ كافية؛ فهنيئاً لمن عَمِلَ على نفسه: مُراقبةً ومُحاسبَةً ومُعاتبةً ومُعاقبةً قَبلَ الشَهر الكريم، فإذا جاءَ شَهرُ رمضان حَلّقَ في الأجواء العُليا!. أما مَن لا طائرة لَه، ولا مُحرِكَ لَه، ولا سائقَ له، ولا وقودَ له؛ كيف له أن يُحلّق!.. وشَهرُ مُحرَم أيضاً من المواسم التي نُحلقُ فيها، فشهر رمضان الغالبُ عليه الأجواء التوحيدية، حيث المناجيات في أسحاره وفي ليالي القَدر.. أما في شَهرِي مُحرَم وصفر فإنه لتجديد العَهد بذكرِ الأئمة (عليهم السلام)، حيث هُناكَ: مُناسبة استشهاد الإمام الحُسين (عليه السلام)، ومُناسبة استشهادِ الإمام زين العابدين (عليه السلام)، ومُناسبة استشهادِ الإمام المُجتبى (عليه السلام)، ووفاة النَبي الأعظم خاتم الأنبياءِ والمُرسلين (صلی الله عليه)، واستشهاد الإمام الرضا (عليه السلام)، ومناسبة الأربعين؛ فكلّ هذهِ المحطات هي محطات ولائية فيها ذِكرُ النبي (صلی الله عليه) وآل النبي (عليهم السلام)، لذا من المُناسب في هذين الشهرين أن نُجدد العَهدَ بِهم!..

وظائفنا في الأشهر الموسمية..
أولاً: تثبيت البنية العقائدية.. إن المحبة الولائية إن اقترنت بالاعتقاد الأصيل المُعمق؛ فإن هذهِ المحبة لها آثارٌ باهرة!.. إذ لا يكفي أن يعتقد الإنسان بمقامات أهل البيت (عليهم السلام) من خلالِ بعض الكرامات والرؤى وغيرها، فهذه المعاني ليست بحُجة تجعلنا نستأنسُ ونفرَحُ بِها، رغم أنها قد تكون شيئاً جيداً، فقد روي عن النَبي (صلی الله عليه) أنه كان إذا صلى الصبح أقبل على أصحابه بوجهه فقال: (هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا)، وقد روي عنه (صلی الله عليه) قوله: (لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟.. قال: الرؤيا الصالحة). فالمنام الطيب مُبشِر إلى حَدٍ ما، ولكن هذا ليسَ بحُجّة، ولا يُروج للمذهب والدين بهذه الأمور مثل: المنامات، والكشف، وما يراه الإنسان بينَ النَومِ واليقظة. بل لابُدَ من البُنية العقائدية، التي تجعل الإنسان متمسكاً بمعتقده حتى لو اجتمعَ عليه أهل الشَرقِ والغَرب لا يمكن أن يغيّر من اعتقاده بـ: أنَّ الله عز وجل واحدٌ أحد، وأنَّ خاتم الأنبياء مُحمد (صلی الله عليه)، وأنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) خاتم الأوصياء، إذ يكفي دليل على ذلك حديث الغَدير وما صدر عن النبي (صلی الله عليه) كـ: حديث المنزلة، وحديثُ الكِساء، وحَديثُ المُباهلة.. فهو أعلمهم، وأقضاهم، وأشجعهم، وأقربهم، وأولهم إسلاماً، وصِهرُ النَبي (صلی الله عليه)؛ فلم يبق شيء: في العِلم هو الأول بإجماع المسلمين، في الشجاعة هو الأول، في النسب هو الأول، في القرابة هو الأول؛ فهل يُقاسُ بغيره؟..

إن هذهِ البُنية العقائدية الواضحة تُضاعفُ المحبة، كما تُضاعفُ الأسى أيضاً!.. فالمؤمن الذي يتشرف بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) في أرض الغَري، بَعدَ السلام وزيارة أمين الله، والزيارة الجامعة -الصغيرة والكبيرة- والزيارة المخصوصة.. ليقف عِندَ الضريح لحظات ويبكي على ظُلامة أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ فهذه الدمعة تربطه بمولاه، هذهِ الدمعة لا تُنسى؛ فأمير المؤمنين (عليه السلام) يَردُ له الجميل!.. بعضُ المؤمنين عندَ ضريحِ سَيد الأوصياء وأبي الحسنين (عليه السلام)، يلهَجُ بهذهِ الفقرة من نهج البلاغة، فتجري عبرته كما تجري عندَ ضريح الحسين (عليه السلام) عند ذكر مصائبه.. فمصائب الحسين (عليه السلام) معروفة، أما مصيبة أمير المؤمنين (عليه السلام) فإنها تعكسها جُملة واحدة، هذهِ الجُملة هي المَقتَلُ بعينه، ألا وهي قوله (عليه السلام): (فصبرتُ وفي العَينِ قَذى، وفي الحَلقِ شَجى). والمؤمن الذي يبكي على حال أمير المؤمنين (عليه السلام) عند ضريحه؛ فليتأكد أنه تامُ الولاية!..

فإذن، إن الأمر الأول هو تجديد وتثبيت الجانب العقائدي النظري، من خلال أدلة الإمامة والولاية، فالأنبياء عموماً استخلفوا، فهذا موسى (عليه السلام) عندما ذَهبَ لميقات رَبه، لم يترك الأمة من دُونِ هارون (عليه السلام) ومع ذلك رَجع وقَد اتخذَوا العِجل!..

ثانياً: الاستماعُ الواعي.. إن ذكر الحسين (عليه السلام) -بحمد الله تعالى- في شرق الأرضِ وغربِها، حتى الأكواخ الثلجية أيضاً يُقامُ فيها عزاء الحُسين (عليه السلام)، وفي الغابات وفي أعالي الجِبال وفي العواصم العالمية. فالحُسين (عليهِ السلام) أورثَ هذهِ المحبة في قلوب المخلوقين حتى من غَير المُسلمين. وللاستفادة من هذه المجالس المنتشرة في كل مكان، على المستمع أن يفترض دائماً أنه هو المُخاطب -بينما البعضُ يَذهَب إلى المجلس وكأنَّ المُخاطَب غَيره- وليأخُذ من كلام الخطيب ما يُناسبُ داءَه!.. فهو عندما يذهب إلى الصيدلية فإنه لا يشتري كُلَّ الأدوية؛ وإنما يطلب دواء للداء الذي يعاني منه فقط.. كذلك الأمر بالنسبة إلى المجالس، عليه أن يأخذ ما يناسبه؛ فمثلاً: إن كان مُبتلى بمرض الغضب الذي لا مُبرر له، أو بداء الشهوة الزائدة، أو بداء الوهم، أو الوسوسة والخِيال، فليأخُذ من العالم ما يُعالجُ له هذا الداء.. وما المانع إن كان مُبتلىً بأمرٍ من هذهِ الأمور -وهيَّ أمورٌ مُشتركة بينَ الناس- أن يطلب من العالِم أو الخطيب أن يُركزَ على هذهِ النقطة في ليلة من الليالي؟!..

ثالثاً: الحضور الهادف.. عندما يذهب الإنسان إلى مجالس الحُسينِ (عليهِ السلام) عليه الالتزام ببعض الآداب التي منها:

١.الوضوء: إن مجلس الحسين (عليه السلام) هو مجلس ذِكر، فإن كان الإنسان باكياً على إمامه وهو متوضئ؛ سيكون مُحاطاً بهالة من نُور الوضوء والغُسل.

٢. صلاة ركعتين: إن كانَ المجلس يُقام في مسجد، عليه أن يكون مؤدباً ويصلي ركعتين تحية ذلكَ المسجد.

٣. استقبال القبلة: جاء في الحديث: (خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقَبْلَةَ).. لذا يقول أحد العُلماء: المؤمن عندما يريد أن يضع مكتباً في المنزل؛ فليجعله إلى جهة القبلة، وكذلك في العمل دائماً يجعل جلوسه باتجاه القبلة، كي لا يمضي الساعات الطوال في الدوام وهو يستدبر القبلة!..

٤. جلوس التشهد: إن كِبار العلماء يُرجحونَ جلسة التشهُد؛ لأن هذهِ الجلسة هي جِلسة العبودية -يجلس الإنسان بينَ يَدي اللهِ عز وجل كالعبد- فمن يستمع إلى خَطيبٍ عليه أن يكون كحالةِ المُتشهِد؛ فهذه أكثرُ الجلساتِ أدباً!..

٥. الاستغفار: إن المؤمن عند حضور مجالس الذكر، يحاول أن يطهر باطنه بالاستغفار.

٦. الدعاء: ما المانع أن يقرأ المستمع دُعاء المُطالعة الذي هو: (اللهم!.. ارزقني نور العلم، وسرعة الفهم، وأخرجني من ظلمات الوهم)، ويسأل اللهَ عَزَّ وجل أن يفتَحَ بابَ فهمه عندما يسمع لعالمٍ من العُلماء؟!.. إذ من الممكن أن يجعل رَب العالمين هذا الكلام مُتغلغلاً في قلبه، فهمام عندما سَمِعَ خُطبة المُتقين؛ صَعقَ صَعقةً كانت فيها نفسهُ.

رابعاً: الدَمعةُ الموجهة.. إن الإنسان الذي يبكي على مُصيبة سَيد الشُهداء (عليه السلام) ويتفاعل، عليه أن يحوّل هذهِ الدمعة إلى طاقة مُحركة. فالوقود الذي يسكب في المحطة على الأرض؛ يذهَبُ هَدَراً!.. ولكن القطرات التي تَدخِلُ في مُحرك السيارة؛ فإنها تتحول من مادة سائلة إلى مادة غازية ثُمَّ إلى قوة دافعة. كذلك الدمعة فإنها من أغلى قطرات هذا الوجود، فقد روي عن النبي (صلی الله عليه) أنه قال: (لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْن:ِ قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ، وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏.‏ وَأَمَّا الأَثَرَانِ: فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ). فهذهِ الدمعة يجب أن لا تذهَبُ هَدَراً؛ بل:

١. ينبغي أن نجعل هذهِ الدمعة الولائية مُقترنة بدمعة التوحيدِ أيضاً.. فالخُطباءُ عادةً يختمون المجلس بالدُعاء؛ علينا أن لا نجعل هذا الدُعاء أمراً شكليّاً ونقول: أمين!.. ونحن ساهين لاهين، فكلمة “أمين” هي دُعاءٌ بمعنى: اللهم أجِب!.. فالخَطيبُ عندما يدعو ويقول: (اللهم!.. أهدنا فيمن هَديت) نحن نقول:ُ أمين، أي؛ يا رَب أنا أطلبُ ما يطلبه الخطيب. فلنجعل هذا الدُعاء بهذهِ الدمعة الولائية التي جَرت ببركةِ هذا المجلس، وبما جرى على الإمام الحسين (عليه السلام).

٢. علينا أن نتوجه إلى اللهِ عز وجل بالمُناجاة بين يديه ولا نكتفي بدعاء الخطيب.

٣. وإن كان الأمر مُمكناً أن نستثمر هذه الدمعة في سجدةٍ أو في ركعتين.

٤. يجب تسجيل موقف من خلال هذه الدمعة، فعندما يُقال: فُلان أصابه حادث؛ فالذي تجري دمعته على هذا الخبر يُعلَم أنَّ هذا من أقرب الناس إليه، فهو إما:أخوه، أو أبوه، أو صديقه المُخلص؛ فهذه الدمعة ما جرت جُزافاً.. فإذن، إن الإنسان بهذهِ الدمعة يسجل موقفاً فهو يقول: يا أبا عَبد الله قلبي مُتألمٌ لَك؛ لأنّكَ إمامي؛ لأنّكَ مُقتداي، ولأنّكَ الإمام الذي أُحشر تَحتَ لوائه. هذا هو الكلام الذي يُبيّنه من خِلالِ هذهِ الدَمعة؛ فليكن صادقاً فيه!..

٥. يجب عدم تلويث هذه الدمعة، فالشاب الذي يحضرُ هذهِ المجالس، ويبكي على الإمام، فهل يعقل عندما يخرج إلى الأسواق أن يزيغ بصره؟!.. إن زيغان البَصر لا يُناسبُ هذهِ الدَمعة، فهذه العَين التي تشرفَت بدمعة البُكاءِ على الحُسينِ (عليهِ السلام) يجب عدم تلويثها بالنظر إلى ما لا يجوز!.. علماً أن المعصية في موسم الحَج لحجاج بيت اللهِ الحرام قاصمة للظهر، فالإنسان الذي ينظرُ إلى النِساء في الطَواف نَظرة مُريبة، هذا يختلفُ عَن النظر في الأسواق. والمعصية في شَهر رمضان تختلف عن باقي الأيام، وأيامُ مُحرَم وخاصة العشرة الأولى من هذا الشَهر أيامُ عَزاءِ أهلِ البيت (عليهم السلام)، فالأئمة في مثل هذه الأيام كانَ لهم بُكاءٌ ونحيب، روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: (إنّ يوم الحسين (عليه السلام) أقرح جفوننا وأسبل دموعنا). لذا، فإنه من المُناسب أن نُراقب، ونُشدد المُراقبة، فالمعصية هذهِ الأيام أيضاً من موجبات الطَردِ من رحمة اللهِ عَزَ وجل.

خامساً: اصطحاب الأهل.. إن المؤمن يحاول أن لا يستفرد بالتوفيق والهُدى، فقد ورد في الحديث: (يا عليّ!.. لعن الله ثلاثة: آكل زاده وحده، وراكب الفلاة وحده، ونائم في بيت وحده). إذا كان تناول الإنسان لطعامه بمفرده أمراً مرفوضاً وخاصة إذا كانَ في الجَمع، حيث إنه من الأفضل أن يأكلَ معَ أهلِ بيته فقد ذكر النبي (صلی الله عليه): (أن خّيرَ الطعامِ ما كَثُرَت عليه الأيدي). كذلك الأمر بالنسبة إلى الطعام المعنوي: أيضاً عليه أن لا يكون وحيداً، بل ليأخُذ بأيدي أهلِ بيته، وأصدقائه!.. إذ إن عدم أخذ الولد في أيامِ مُحرَم إلى مجلسٍ أبدا، أمر لا يليقُ بالمؤمن الذي يحرص في كلِّ يَوم على أن يَذرِفَ دَمعة سخيةً على مولاه!.. بل حتى اليائس من تربيةِ ولده أو ابنته؛ فليأخُذ بأيديهم في هذه الأيام المُغتنمة، وليقل في نفسه: يا رَب أنا أخذتُ بيدِ ولدي إلى ساحل بحر النجاة، وإلى سفينة النجاة، وإلى باب الهُدى؛ يا رَب ببركةِ هذهِ الذوات المُقدسة أجعل الأثر في كلام هذا الخطيب!.. ولطالما صار هناك انقلاب في نفوس البعض رِجالاً ونِساءً، فالخِروج من الظُلماتِ إلى النور يكون ببركةِ مجالسِ الحُسينِ (عليه السلام)، وخاصة في بِلاد الغَرب حيث الناسُ في سَهوٍ ولَهوٍ، أو في تجارةٍ ودراسة؛ ولكن إذا جاءت عشرة محرم ترى أفسق الناس يجلسُ تحتَ لِواء الحُسين (عليه السلام) باكياً!.. يجب اغتنام الفرص وأخذ الأولاد إلى هذه المجالس وخاصة إن كان الإنسان يائساً منهم.

سادساً: البكاء.. إن المؤمن يحاول أن يدخل إلى قلبِ ولي أمره من خلال البُكاءِ على جَده الحُسين (عليهِ السلام)، فعلاقتنا بصاحب أمرنا (عليه السلام) ليست على ما يُرام، فما الذي يراهُ في ديوان أعمالنا ليقر عيناً بنا؟.. وما الذي يربطنا بمولانا؟.. وأي عَملٍ أدخلنا عليهِ السرورَ به؟.. بَل لطالما أغضبناه وأحزناه بسوءِ أفعالنا، ولكن في شَهرِ مُحرَم:

١. إن جَرت دمعة الإنسان على سَيد الشُهداء (عليه السلام)، فليتوجه بالخطابِ إلى وليِّ الأمر، وليقل: يا مولاي!.. لئن ساءت أحوالي وأعمالي، ولكن هذه الأيام أنا مُتشبهٌ بِك، ألست أنت القائل: (السلام عليك يا جداه!.. لئن أخرتني الدهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة ناصباً.. لأندبنك صباحاً ومساءً، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً). فأنا يا مولاي أبكي على جدك كما تبكي عليه، أنت تبكي دَماً ولكني أبكي دَمعةً. هذا البُكاء يربط الإنسان بمولاه.

٢. ما المانع أن يستمع الإنسان إلى شيءٍ من مصائبهم في جَوف الليل، في ساعة السحر عند قيام الليل، وخاصة في العشرة الأولى من مُحرم؟!.. فيذكر مصيبتهم، ويتذكر صلاة زينب (عليها السلام) ليلة الحادي عشر عندما صَلت وهيَّ جالسة بما بَقيَّ فيها من الرَمق، فقد كانت من الصباحِ إلى الليل وهيَّ تشهدُ مصرعَ إخوانها وأولادها وأصحاب أخيها؛ هذا التذكر يجعله يذرف الدمع في صلاة ليله.

٣. كلما توجه إلى الصلاة يتذكر صلاة الحسين (عليه السلام) يومِ عاشوراء، كيف صلى والسهام تَمطرُ عليه؛ فتجري دموعه على إمامه!..

٤. يتذكر ليلة العاشر عندما كان لَهم دَويٌ كَدوي النحل بينَ مُصلٍّ وراكعٍ وساجد، فقد ذكرت أخبارُ كتب السِّير والتاريخ في وصف أصحاب الإمام الحسين (عليه السّلام) (أنّ كلاًّ منهم: كان عابداً ناسكاً، قارئاً للقرآن يختمه في يومٍ وليلة، وكان لهم ليلةَ عاشوراء دَوِيٌّ كدَوِيّ النَّحل في تلاوتهم وصلاتهم، وهم ما بين راكعٍ وساجد، وقائمٍ وقاعد).

٥. يتذكر في خَلوة الليل مُصيبتهُم ويترنم بهذهِ الأبيات:

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة *** لكنما عيني لأجلك باكيـــة
تبتـل منكم كربلاء بـدم *** ولا تبتل مني بالدموع الجارية
أنست رزيتكم رزايانا التي *** سلفت وهونت الرزايا الآتية

إن بعض المؤمنين ليس عندهم حاجة ولكنهم يبكون فقط لمصيبة الحسين (عليه السلام)، وما قيمة هذهِ الدمعة مقابل ما قدموا من النفسَ والنفيس في طاعة الله عز وجل؟.. والبعض ممن فقد شاباً، عندما يبكي على علي الأكبر (عليه السلام) يحاول أن لا يتذكر ولده الفقيد؛ لأن مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) ومصيبة ذُريته أنسته كل مصائبه.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.