Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

الاستعداد..
إن الناس قَبلَ المواسم الدنيوية، يستعدونَ لها أيّما استعداد!.. فمن أجل سَفرة لمدة أسبوع أو أسبوعين في فصل الصيف، البعضُ قد يفكرُ ويخطط لها طوال السنة، ومن يُريد أن يزوج ابنّهُ أو ابنتهُ، يستعدُ لهذا الأمر من سنوات.. كذلك بالنسبة إلى المواسم العبادية، فشَهرُ رمضان المُبارك، هو شَهرُ لِقاء اللهِ عَزَ وجل، وشَهرُ الضيافة العُظمى، لذا لابُدَ وأن نستعد له قبل فترة، وإلا فلمَ هذهِ الفضائل الكثيرة لشهري رَجب وشعبان؟.. إنه من أجل الاستعداد في شهرين لشهرِ رمضان المبارك، وفي شهر رمضان المُبارك، نستعد في ثلاثة أسابيع لليلة القَدر الكُبرى؛ أي من أول يوم من أيام شَهرِ رَجَب، وعيننا على ليلة القدر، ولهذا في صلواتنا اليومية يستحبُ لنا أن نقرأ سورة “القَدر” في كُلِّ فريضة، هذه السورة التي قال رسول الله (صلی الله عليه) في فضلها: «من قرأها أُعطي من الأجر كمن صام رمضان، وأحيا ليلة القدر».

الشهية..
إن من يريد أن يتميز في شهرِ رمضان، لابد أن يُعد له العُدة قبل أسابيع، أو قبل أشهُر.. فالضيافة العامة –المائدة- مفتوحة، ولكن عندما يذهب الإنسان إلى أفخر المطاعم العالمية، حيث المائدة الشهية؛ فإنه لا يأكل إلا بمقدار شهيته، وعلى حسب حَجمِ معدته، وإلا فإن صاحب الطعام لم يُقصِر، ولكن الإنسان لا يمكنه أن يتزوّد.. وعليه، فإنه كما أنّنا متفاوتون في هضم الطعام المادي، نَحنُ أيضاً متفاوتون في هضم الطعام المعنوي.. لذا، فإنه قَبلَ المواسم المُهمة، وقبلَ الذِهاب إلى الأماكن المُهمة، -فتارةً الشرافة تكون زمانية: كشهرِ رمضان المُبارك، وتارةً الشرافة مكانية: كالمسجد الحرام، ومسجدُ النَبي (صلی الله عليه)، وكربلاء المقدسة- يجب الالتفات إلى أمور مهمة، منها:

أولاً: التنقية.. إن من يدخل على المَلك أو السُلطان وهو مُلطَخٌ بالقذارةِ والنجاسة؛ السلطان لا يستقبلُه؛ لذا عَليه بالتَطَهُر.. ولهذا نُلاحظ أن “الغسل” مِنَ المُستحبات المُتكررة كَثيراً، سواء عند الزيارات أو في الأشهر المُباركة.. ولكن هل يكفي أن يُزيل الإنسان العَرق بالماء، أو لابُدَ من إزالة عَرق الباطن وقَذره بالاستغفار، روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (تعطّروا بالاستغفار، لا تفضحكم روائح الذنوب)، الرائحة الخارجية تَذهَب بالغُسل، أما الرائحة الباطنية فلو اغتسل الإنسان ببحار العالم؛ هذهِ القذارة الباطنية لا تزول.

فإذن، قَبلَ شهر رمضان المُبارك، وقَبلَ الذهابِ إلى الحَجِ والعُمرة، يجب الاستغفار البليغ، لا الاستغفار اللفظي الشَكلي، إنما الاستغفار الذي علامته -ليس بالضرورة البُكاء المرير، أو البُكاء الكَثير- رقةُ القَلب التي عادةً تُلازم دَمعة ولو بسيطة، فهذهِ هي علامة الاستجابة، ولو كانت تلك الدمعة مثلَ جناح البعوضة؛ إذ إن هذا المقدار كاشفٌ عَن رقة الباطن، روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (من ذَكَرنا أو ذُكرنا عنده، فخرج من عينه دمعٌ مثل جناح بعوضة؛ غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر).

ثانياً: توسعة الإناء.. إن المؤمن يطلب من الله عز وجل أن يوسع من إنائه، فليقل: يا رَب، أنا مُقدِمٌ على البَحر، ولكن لا وعاء لي، يَدي خالية، أغترف غُرفةً من البحر فيتصببُ الماء من بين أصابعي، وبعدَ لحظات يَجِف هذا الماء، أنا ليسَ عندي وعاء، ولو كانَ عندي وِعاء فإنه وعاءٌ صَغيرٌ جِدّاً!.. البَحرُ كريم وأنا فَقير، والفَقير عندَ البحر الكريم يرجعُ مُستفيداً بمقدارِ إنائه، ولهذا يقول الإمام علي (عليه السلام) في عِبارة بَليغة جِداً: (يا كميل!.. إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها)؛ أي أكثرها استيعاباً!.. فكم من صائم ليس لّهُ من صيامه في شَهرِ رمضان المُباركِ إلا الظمأ، وكَم من قائمٍ ليسَ لَهُ من قيامهِ إلا العَناء، كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (كم من صائمٍ ليس له من صيامه إلا الظمأ، وكم من قائمٍ ليس له من قيامه إلا العناء، حبّذا نوم الأكياس وإفطارهم)!.. إذن، لابد من توسعة الإناء، اجعلوا شعاركم: يارَب، اجعل شهرنا هذا خَيرَ شهر رمضان مَرَّ علينا منذُ أن خلقتنا.

ثالثاً: الاستعداد.. إن المؤمن يُهيِّئ نفسه لكُلِّ لحظةٍ من لحظات الشَهر الكريم.

خطبة استقبال شهر رمضان..
إن هذهِ الرواية مرويّة عَن الإمام الرضا (عليه السلام)، عَن آبائهِ، عَن أمير المؤمنين (عليه السلام)، فهذه مثل حديث “سلسلة الذهب” الذي قيل عنه: إنّهُ “لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق”؛ لأن الإمام يروي عَن أبيهِ، عَن معصوم، إلى أن يصل إلى النَبي الأكرم (صلی الله عليه).

-(أيُها الناس!.. أنّهُ قَد أقبلَ إليكم شَهرُ الله بالبَركةِ والرحمةِ والمغفرة)..
أولاً: (أقبلَ إليكم شَهرُ الله).. إن النَبي (صلی الله عليه) ما ينطقُ عن الهوى، فكل جُملةٍ، وكُلُّ كلمةٍ من كلمات النبي الأعظم (صلی الله عليه) لها معنى، ما قال: أنتم أقبلتم على الشَهر الكَريم، بل الـشَهرُ هو الذي أقبلَ إليكم، وكأنَّ الشَهر الكريم أكثرُ شَوقاً إليكم مِنكم إلى الشهر الكريم!.. بعض الناس -قَد لا يُصرح أما في قلبه- عندما يقترب الوقت من شهر رمضان المُبارك، يعيشُ ثِقلاً ما، ولهذا شتان ما بينَ استقبالِ هلال الشَهر، وبينَ استقبالِ هلال العِيد: فهلالُ العِيد البعض ينتظره انتظاراً، ولو تمددَ الشَهر يَوماً واحداً، قد يقطَعَهُ بالسَفَر، أما هلالَ شهر رمضان فإنه لا يهمه كَثيراً؛ وهذه علامةُ عَدم الشَوق!.. فإذن، إن الشَهر هو الذي يُقبلُ على الإنسان، كأنّهُ هو المُشتاق إليه، ولكن نَحنُ -بني آدم- لا نعرفُ قَدر هذا المعنى.

ثانياً: (بالبَركةِ والرحمةِ والمغفرة).. إن الزُراع عادةً عينهم على الرَبيع، والمؤمن عينه على شهر رمضان المبارك؛ لأنه رَبيعُ القُرآن!.. لذا، عليه أن يستغل هذه الفرصة.

-(شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات).. ولكن ما قال: ساعاتُكَ أنتَ أفضل الساعات!.. فالبَعضُ في شهر رمضان ينتكس، وقد يكون في شهرِ شعبان أكثرُ توفيقاً!.. فهذه طبيعة الشَهرِ لا طبيعة بني آدم، إذا دخل الإنسان بَحر شَهرِ رَمضان، دَخل في الأجواء؛ فتصبح ساعاته أفضل الساعات، ولكن (كم من صائمٍ ليس له من صيامه إلا الظمأ)!..

فإذن، إن ساعات شهر رمضان هي خَير الساعات، ولكن لمن عاشها؛ لأن الإنسان في شَهرِ رمضان المُبارك هو ضَيفُ الله عز وجل، والضَيف يُكرَمُ في كُلِّ لحظات الإقامة!.. أما كِبار الكُرماء من أهل الدُنيا، فلا يمكنهم إكرام الضيف إلا في أوقات معينة، مثل: وقتَ الطعام؛ فيقدم له الطعام الفاخر، ووقت النَوم؛ يفرشُ لَهُ فِراشاً وثيراً،.. هكذا أهلُ الدُنيا؛ ولكن رَبَّ العالمين لَهُ ضيافة من صنفٍ آخر:

-(أنفاسكم فيه تسبيحٌ).. هذا التسبيح ليس في صوم شهرِ رمضان، ولا في قيام الليل، ولا في تلاوة القُرآن، إنما في النَفَس!.. كم من عملية شهيق وزفير يقوم بها الإنسان مِنَ الصباحِ إلى الليل؛ كل ذلك له ثواب!.. ولكن هل “النَفس” يُطلق على مجموعِ الشهيق والزفير، أو أن كلُّ شَهيقٍ نَفس، وكل زَفير نَفَس؛ أي ابتلاع الهواء هذا نَفس، وإخراج الهواء نَفَس!.. إن كان هذا هو معنى “النفس”؛ فهذا يعني أن هناك تسبيحتين مَعَ كُلِّ شَهيقٍ وزفير، ولكن هذهِ التسبيحة تختلفُ عَن التسبيحة اللفظيّة، فالإنسان الذي يقول: “سُبحان الله” وهو لاهٍ، هذهِ التسبيحة لا تنفعه كَثيراً، أما في شهرِ رمضان المبارك فإن تسبيحته مقبولة؛ لأن هذا الشهيق هو تسبيحةٌ مقبولة؛ لكون الإنسان في ضيافة اللهِ عَزَّ وجل.

-(ونومكم فيه عبادةٌ).. إن النَوم أخو المَوت، ولهذا العباد الصالحون -بمعنى من المعاني- يكرهون النَوم، لا ينامون إلا بالمقدار اللازم، لدرجة أن أحدهم كانَ يدعو ربه، قائلاً: يا رَب، أغنني عَن النَوم!.. كَم من الجميل لو أعفيتني من النوم، فأكون من الصباحِ إلى الليل في حركةٍ دائبة!.. بعضُ كِبار الصالحين رَبُ العالمين يرتبُ نومتهم، فيكتفون بساعتين أو ثلاث ساعات من النوم، وإذا هم من أنشط النشطاء؛ هذا توفيقٌ خاص!.. أما بالنسبة إلى النوم المتعارف: فلو نام الإنسان النومة المتعارفة، هذا ليسَ بملومٍ شَرعاً؛ ولكن عداد العَمل يتوقف، وبَعضُ النَوم هو شَرٌ محض، فيهِ وزر، كـ: نوم المرأة الناشزة؛ هذهِ عندما تنام رَبُ العالمين يمقتها!.. وسَفرُ المعصية، من ينام كي يستيقظ ليذهب في سَفرة مُحرَمَة؛ رَبُ العالمين يبغضه.

فإذن، إن النَوم أخو الموت، ولكن في شهرِ رمضان: سواء كان الإنسان في صلاةٍ أو دُعاء، أو كان نائماً أو مُستيقظاً، هو في عبادة.. ولهذا البعضُ في شهر رمضان يكثرُ من النوم قليلاً، فهو: راحة له، وأيضاً عِبادة؛ إن كان جالساً أمامَ التلفاز -مثلاً- فهذا النَظر لا ينفعه، أما نومه فهو عِبادة؛ لذا يُفضل النَوم على اليقظة، إذا كانَت يقظتهُ لا فائدةَ منها.

-(وعملكم فيه مقبولٌ، ودعاؤكم فيه مستجابٌ).. إن شهر رمضان فيه كل هذه المزايا.

استمرار الضيافة..
إن هذهِ المزايا تُعطى للصائم؛ لأنّهُ في ضيافة الله عَزَّ وجل.. ولكن لو بقي في ضيافة الله عَزَّ وجل بَعدَ شَهرِ رمضان المُبارك، مِن شوال إلى آخرِ شَهرِ شَعبان، ألا تنطبق عليه هذهِ المزايا؛ وهذهِ الضيافة ألا تبقى مُستمرة؟.. فلو أن إنسانا دعا الناسَ إلى منزله لمناسبة عرسٍ -مثلاً- فجاء الناس: أكلوا، وشربوا، وخرجوا، ولكن أحدهم تشبثّ بصاحبِ البَيت، وقال له: أنا يتيم لا مأوى لي، أنا جائع لا طعامَ لي، إلى أينَ أذهَب؟.. أنت أكرمتنا الليلة، الكُل أكل وذَهب، أما أنا فلا أُفارقك؛ اجعلني عِندَكَ في المَنزل: اتخذني خادَماً، اتخذني عَبدَاً، اتخذني مُرافقاً؛ هذا الإنسان آلا تستمرُ لَهُ الضيافة؛ فيأكلُ كُلُّ يَوم ما أكله الناس في ليلة؟!.. وبالتالي، فإن الإنسان لو صار ولياً لله، عَبداً لله، قَريباً من الله عَزَّ وجل؛ فإن شأنه سيكون شأن هذا الضَيف الذي دَخلَ ولم يخرُج!.. هل هناك عاقل يترك هذه الضيافة ويخرج؛ أين سيجد طعاماً أفضل من هذا الطعام، أو قَصراً أضخَم من هذا القَصر، أو خليلاً خَيرا من هذا الخليل؟.. إن البعض في شهرِ رمضان يكتشفُ عالماً جَديداً، فيتخذ اللهَ خَليلاً، يقول تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾، ولكن هذهِ المرحلة أتت بَعدَ أن اتخذَ إبراهيمُ رَبَهُ خَليلاً، وذلك عندما: همّ بذبح ابنه، وقام بتحطيم الأصنام، وألقى نَفسَهُ في النار؛ أي إنه هيأ نفسَهُ فصار خَليلاً للهِ عَزَّ وجل.. واستمرار هذه الضيافة، يمكن أن تكون من خلال:

١. تلاوة القرآن: إن بعض الناسِ في شهر رمضان يختم القرآن عدة ختمات، وبَعدَ شَهرِ رَمضان يكون القرآن في قلبه؛ فأنسهُ بكتاب اللهِ عَزَ وجل.
٢. قيام الليل: إن من يأنس في شهر رمضان المُبارك بقيام الليل، تستمر معه هذه الحالة إلى ما بعد الشهر الكريم.
٣. المناجاة: إنَ بعض كبار المؤمنين قراءته لدُعاءِ أبي حمزة طِوال العام، لا في شهرِ رمضان المُبارك فقط!.. فعندما يقرأ الإنسان هذه الفقرة من الدعاء: (فَمالي لا اَبْكي اَبْكي، لِخُروجِ نَفْسي، اَبْكي لِظُلْمَةِ قَبْري، اَبْكي لِضيقِ لَحَدي، اَبْكي لِسُؤالِ مُنْكَر وَنَكير اِيّايَ، اَبْكي لِخُرُوجي مِنْ قَبْري عُرْياناً ذَليلاً حامِلاً ثِقْلي عَلى ظَهْري، اَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَميني وَاُخْرى عَنْ شِمالي، اِذِ الْخَلائِقِ في شَأن غَيْرِ شَأني)؛ ألا يرى أن هذهِ المضامين تنفعه في كُلِّ ليلة، كأن يقرأها في قنوت دُعاء الوتر!..

فإذن، هؤلاء دَخلوا الضيافة، ولم يخرجوا منها؛ ما المانع أن يكون الإنسان كهؤلاء، فيسأل الله عز وجل أن يجعله ضيفه دائماً وأبداً!..

خَيرُ الأعمال في شَهر رمضان المبارك..
إن هُناكَ عملين: عمل خارجي، وعَملٌ باطني..

أولاً: العَمل الخارجي.. إن من يريد تلاوة القرآن الكريم، عليه أن يقرأه وكأنّه هو المخاطب؛ أي عندما يمر بآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾؛ فليقف لَحظة ثم يقول: لبيك يا رَب؛ ماذا تُريد مني؟.. وإن مر بآيات العذاب؛ فليستجر بالله عز وجل من عذاب الزقومِ والضريعِ والغِسلين!.. وإن مر بآيات النعيم: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾؛ فليسل الله عَزَّ وجل ذلكَ النعيم!.. هناك رواية عَن الإمام الصادق (عليهِ السلام) مصداقٌ للتفاعل معَ القرآن الكريم، تقول الرواية: (إذا قرأتم ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾، فادعوا على أبي لهب؛ فإنه كان من المكذبين الذين يكذبون النبي (صلی الله عليه) وبما جاء به من عند الله عز وجل)؛ أي حتى عندما تمر على ذكر الظالمينَ في القرآن: لا تسكُت، تبرأ منهم، إلعنهم، سَل اللهَ عزَّ وجل أن يضاعف من عذابِهم.. هذا حالُ تالي القرآن تلاوةً بليغة.

ثانياً: العمل الباطني.. إن خَير الأعمال الباطنية في شهر رمضان المبارك؛ هي أن يُحسن الإنسان خلقه!.. وحُسن الخُلق لا يعني البشاشة، هذا مصداقٌ له!.. فبعض الناسِ في شهرِ رمضان المبارك يغضبُ لأقلِ موجب، ولا يُتقن عملهُ الوظيفي، ويزدادُ سوءاً في الخُلق بدعوى الصيام؟!.. هذ ليس بصائم؛ لأن أفضل الأعمال في شهرِ رمضان، أن يُحسن الإنسان خلقه!.. وحُسن الخُلق، يعني أن لا يُبقي خِصلَةً باطنيةً سيئة إلا ويقضي عليها: فمن يحتقر الناس؛ هذا إنسان مريضٌ في باطنه.. ومن يحسد الناس؛ هذا إنسان في قلبه قَذرٌ.. ومن يسيئ الظَن؛ هذا إنسان في باطنه جُرثومةٌ.. ومن تغلبُ عليه الأفكارُ الشهوية؛ هذا إنسان مريضٌ في قلبه.. فإذن، إن تنقية الباطن من كُلِّ سوء هي أفضل أعمال شهر رمضان المُبارك!.. فهنيئاً لمن كانَ شهرهُ هذا خَيرَ شهر رمضان مَرَّ عليه منذُ أن خَلقَه اللهُ تعالى!..

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.