Search
Close this search box.

باب في فضل زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام والروايات الشريفة الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) في فضل زيارته وقصة ظهور القبر الشريف من قبل هارون المسمى بالرشيد، ذكرها الشيخ عباس القمي في كتاب مفاتيح الجنان.

Layer 5

روى الشيخ الطوسي (رحمه الله) بسند صحيح عن محمد بن مسلم، عن الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) قال: «ما خلق الله خلقاً أكثر من الملائكة وإنّه لينزل كلّ يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمور فيطوفون به فإذا هم طافوا به طافوا بالكعبة فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي (صلى الله عليه وآله) فسلّموا عليه ثمّ أتوا قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) فسلموا عليه ثمّ أتوا قبر الحسين (عليه السلام) فسلّموا عليه ثمّ عرجوا، وينزل مثلهم أبداً إلى يوم القيامة ثمّ قال: من زار أمير المؤمنين (عليه السلام) عارفاً بحقّه أي وهو يعترف بإمامته ووجوب طاعته وأنّه الخليفة للنبي (صلى الله عليه وآله) حقاً غير متجبّر ولا متكبّر كتب الله له أجر مائة الف شهيد وغفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر وبعث من الآمنين وهوّن عليه الحساب واستقبلته الملائكة، فإذا انصرف إلى منزله فإن مرض عادوه وإن مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره».
وروى السيد عبد الكريم بن طاووس (رحمه الله) في (فرحة الغري) عنه (عليهم السلام) قال: «من زار أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة حجة وعمرة فإن رجع ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة حجّتين وعمرتين».
وروي عنه (عليه السلام) أيضاً أنه قال لابن مارد: «يا بن مارد من زار جدّي عارفاً بحقّه كتب الله له بكلّ خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة، يا بن مارد والله ما يطعم الله النار قدماً غبرت في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) ماشياً كان أو راكباً، يا بن مارد اكتب هذا الحديث بماء الذهب».
وروي أيضاً عنه (عليه السلام) قال: «نحن نقول بظهر الكوفة قبر لا يلوذ به ذو عاهة إلّا شفاه الله».
أقول: يظهر من أحاديث معتبرة أنّ الله تعالى قد جعل قبور أمير المؤمنين (عليه السلام) وأولاده الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) معقل الخائفين وملجأ المضطرين وأماناً لأهل الأرض ما زارها مغموم إلاّ وفرّج الله عنه وما تمسّح بها سقيم إلاّ وشفي وما التجأ اليها أحد إلاّ أمن.
روى السيد عبد الكريم بن طاووس عن محمد بن علي الشيباني قال: خرجت أنا وأبي وعمي حسين ليلاً متخفّين إلى الغري لزيارة أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) وكان ذلك سنة مائتين وبضع وستين وكنت طفلاً صغيراً فلمّا وصلنا إلى القبر الشريف وكان يومئذٍ قبراً حوله صخراً سود ولا بناء عنده، فبينا نحن عنده بعضنا يقرأ وبعضنا يصلّي وبعضنا يزور إذا نحن بأسد مقبل نحونا فلمّا قرب منّا قدر رمح تباعدنا عن القبر الشريف فجاء الأسد فجعل يمرّغ ذراعيه على القبر، فمضى رجل منا فشاهده فعاد فأعلمنا فزال الرعب عنّا، فجئناه جميعاً فشاهدناه يمرّغ ذراعه على القبر وفيه جراح فلم يزل يمرّغه ساعة، ثمّ انزاح عن القبر ومضى فعدنا إلى ما كنّا عليه لإتمام الزيارة والصلاة وقراءة القرآن.

ظهور القبر الشريف
وحكى الشيخ المفيد قال: خرج الرشيد يوماً من الكوفة للصيد فصار إلى ناحية الغريين والثّويّة فرأى هناك ظباءً فأمر بإرسال الصقور والكلاب المعلمة عليها فحاولتها ساعة ثمّ لجأت الظّباء إلى أكمة فتراجعت الصقور والكلاب عنها فتعجّب الرشيد من ذلك.
ثمّ إنّ الظباء هبطت من الأكمة فسقطت الطيور والكلاب عليها فرجعت الظّباء إلى الاكمة فتراجعت الصقور والكلاب عنها مرّة ثانية ثمّ فعلت ذلك مرة اُخرى، فقال الرشيد: أركضوا إلى الكوفة فأتوا بأكبرها سنّاً، فأُتي بشيخ من بني أسد فقال الرشيد: أخبرني ما هذه الاكمة؟ فقال: وهل أنا آمن إذا أجبت السؤال؟
فقال الرشيد: عاهدت الله على أن لا اُؤذيك. فقال: حدّثني أبي عن آبائه أنّهم كانوا يقولون: إنّ هذه الأكمة قبر عليّ بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، جعله الله حرماً آمناً يا من لجأ إليه.
أقول: من أمثال العرب السائرة: (أحمى من مجير الجراد)، يعني أنّ من استجار بشخص وأجاره، فحمايته أكثر من حماية الرجل للجراد. وقصّته: أنّ رجلاً من أهل البادية من قبيلة طي يسمّى مدلج بن سويد كان ذات يوم في خيمة فإذا هو بقوم من طي ومعهم أوعيتهم فقال: ما خطبكم؟ قالوا: جراد وقع في فنائك فجئنا لنأخذه.
فلمّا سمع مدلج ذلك ركب فرسه وأخذ رمحه. وقال: أيكون الجراد في جواري ثمّ تريدون أخذه؟ لا يكون ذلك. فما زال يحرسه حتى حميت الشمس عليه وطار فقال: شأنكم الآن فقد تحوّل عن جواري.
وقال صاحب (القاموس): إنّ ذا الأعواد لقب رجل شريف جداً من العرب ـ قيل: هو جدّ أكثم بن الصيفي ـ كانت قبيلة مضر تجبي إليه الخراج، فلما هرم وبلغ الكبر كان يحمل على سرير فيطاف به بين قبائل العرب وميا هها فيجبى له، وكان شريفاً مكرّماً ما لجأ إلى سريره خائف إلاّ أمن ومادنا من سريره ذليل إلاّ عزّ وما أتاه جائع إلاّ اُشبع، انتهى.
فإذا كان سرير رجل من العرب يبلغ من العزة والرفعة هذا المبلغ فلا غرو إذا جعل الله تعالى قبر وليه الذي كان حملة سريره هم جبرائيل وميكائيل (عليه السلام) والإمام الحسن (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام) معقلاً للخائفين وملجأ للهاربين وغوثاً للمضطرين وشفاءً للمرضى. فاجتهد أينما كنت لبلوغ قبره الشريف والتصق به ما أمكنك ذلك. وألح في الدعاء كي يغيثك (عليه السلام) وينجيك من الهلاك في الدنيا والآخرة:

لُذ إلى جُودِهِ تجدهُ زعيماً * * * بِنَجاةِ العُصاةِ يَومَ لِقَاها
عائذٌ للمؤمّلين مجيب‌ٌ * * * سامعٌ ما تُسِرُّ مِن نَجوَاها

وحكي في كتاب (دار السلام) عن الشيخ الديلمي أنه روى جمع من صلحاء النجف الاشرف أنّ رجلاً شاهد فيالمنام القبة الشريفة لحبل الله المتين أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وقد امتدّت إليها واتصلت بها خيوط خارجة من القبور التي في داخل ذلك المشهد الشريف وفي خارج فأنشد الرجل:

إذا متُّ فادفني مجاور حيدر * * * أبي شبر أكرم به وشبير
فلست أخاف النار عند جواره * * * ولا أتقي من منكر ونكير
فعار على حامي الحمى وهو في الحمى * * * إذا ضل في البيداء عقال بعير

Layer 5