
الخطبة ٨٣: في ذكر عمروبن العاص
ومن كلام له (عليه السلام)
في ذكر عمروبن العاص
عَجَباً لاِبْنِ النَّابِغَةِ[١]! يَزْعُمُ لاَِهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً[٢]، وَأَنِّي امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ[٣]: أُعَافِسُ وَأُمَارِسُ[٤]! لَقَدْ قَالَ بَاطِلاً، وَنَطَقَ آثِماً.
أَمَا ـ وَشَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ ـ إِنَّهُ لَيَقُولُ فَيَكْذِبُ، وَيَعِدُ فَيُخْلِفُ، وَيُسْأَلُ فَيَبْخَلُ، وَيَسْأَلُ فَيُلْحِفُ[٥]، وَيَخُونُ الْعَهْدَ، وَيَقْطَعُ الاِْلَّ[٦]; فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِر وَآمِر هُوَ! مَا لَمْ تَأْخُذِ السُّيُوفُ مَآخِذَهَا، فَإِذَا كَانَ ذلِكَ كَانَ أَكْبَرُ مَكيدَتِهِ أَنْ يَمْنَحَ الْقَوْمَ سُبَّتَهُ[٧].
أَمَا واللهِ إِنِّي لَـيَمْنَعُنِي مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْموْتِ، وَإِنَّهُ لَْيمَنَعُهُ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ نِسْيَانُ الاْخِرَةِ، إِنَّهُ لَمْ يُبَايعْ مُعَاوِيَةَ حَتَّى شَرَطَ لَهُ أَنْ يُؤْتِيَهُ أَتِيَّةً[٨]، وَيَرْضَخَ لَهُ عَلَى تَرْكِ الدِّينِ رَضِيخَةً[٩].
—————————————–
[١] . النابغة: المشهورة فيما لا يليق بالنساء، من «نبغ» إذا ظهر.
[٢] . الدُعابة ـ بالضم ـ: المزاح واللعب.
[٣] . تِلعابة ـ بكسر التاء ـ: كثير اللعب.
[٤] . أُعافِس: أعالج الناس وأُضاربهم مِزاحاً، ويقال: المعافسة: معالجة النساء بالمغازلة والممارسة كالمُعافَسة.
[٥] . يُلْحِف: أي يلح.
[٦] . الالّ ـ بالكسر ـ: القرابة، والمراد من قطع الالّ أن يقطع الرحم.
[٧] . السّبّة ـ بالضم ـ: الاست.
[٨] . الاتِيّة: العطيّة.
[٩] . رَضَخَ له رَضِيحةً: أعطاه قليلاً.