باب أحوال سائر أصحابه (ع) وفيه أحوال عبد الله بن العباس
كنت أركع عند باب أمير المؤمنين (ع) وأنا أدعو الله إذ خرج أمير المؤمنين (ع) ، فقال : يا أصبغ !.. قلت : لبيك !..
قال : أي شيء كنت تصنع ؟.. قلت : ركعت وأنا أدعو ، قال : أفلا أعلمك دعاء سمعته من رسول الله (ص) ؟.. قلت : بلى ، قال : قل :
الحمد لله على ما كان ، والحمد لله على كل حال .. ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الأيسر وقال :
يا أصبغ !.. لئن ثبتتْ قدمُك ، وتمت ولايتك ، وانبسطتْ يدك ، فالله أرحم بك من نفسك.ص146
المصدر: أمالي االطوسي ص108
بينا أمير المؤمنين (ع) يخطب الناس وهو يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله لا تسألوني عن شيء مضى ولا عن شيء يكون ، إلا نبّأتكم به ، فقام إليه سعد بن أبي وقاص فقال :
يا أمير المؤمنين !.. أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة ، فقال له :
أما والله لقد سألتني عن مسألة ، حدّثني خليلي رسول الله (ص) أنك ستسألني عنها ، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلا وفي أصلها شيطان جالسٌ ، وإن في بيتك لسخلاً يقتل الحسين ابني ، وعمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه . ص147
المصدر: أمالي الصدوق ص81
روي أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال بذي قار وهو جالس لأخذ البيعة : يأتيكم من قِبل الكوفة ألف رجل ، لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجلاً يبايعوني على الموت ، قال ابن عباس :
فجزعت لذلك وخفت أن ينقص القوم من العدد أو يزيدوا عليه فيفسد الأمر علينا ، وإني أحصي القوم فاستوفيت عددهم تسعمائة رجل وتسعة وتسعين رجلاً ، ثم انقطع مجيء القوم فقلت :إنا لله وإنا إليه راجعون ، ماذا حمله على ما قال ؟.. فبينما أنا مفكّرٌ في ذلك إذا رأيت شخصا قد أقبل حتى دنا ، وهو رجل عليه قباء صوف ومعه سيف وترس وإداوة ، فقرب من أمير المؤمنين (ع) فقال : امدد يديك لأبايعك ، قال علي (ع) : وعلامَ تبايعني ؟..
قال : على السمع والطاعة والقتال بين يديك حتى أموت أو يفتح الله عليك ، فقال : ما اسمك ؟ .. فقال : أويس ، قال : أنت أويس القرني ؟.. قال : نعم ، قال : الله أكبر ، فإنه أخبرني حبيبي رسول الله (ص) أني أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني ، يكون من حزب الله ورسوله ، يموت على الشهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، قال ابن عباس :
فسري عنا . ص147
المصدر: الإرشاد ص149 ، الخرائج
لما ولي الحجّاج طلب كميل بن زياد ، فهرب منه ، فحرم قومه عطاهم ، فلما رأى كميل ذلك قال :
أنا شيخ كبيرٌ وقد نفد عمري لا ينبغي أن أحرم قومي عطاهم ، فخرج فدفع بيده إلى الحجاج فلما رآه قال له : لقد كنتُ أحب أن أجد عليك سبيلاً ، فقال له كميل :
لا تصرّف عليّ أنيابك ولا تهدّم عليّ ، فوالله ما بقي من عمري إلا مثل كواهل الغبار ، فاقض ما أنت قاض ، فإن الموعد الله ، وبعد القتل الحساب ، ولقد خبّرني أمير المؤمنين (ع) أنك قاتلي ، فقال له الحجاج : الحجة عليك إذا ً، فقال له كميل : ذاك إذا كان القضاء إليك قال : بلى قد كنت فيمن قتل عثمان بن عفان ، اضربوا عنقه فضُربت عنقه.ص148
المصدر: الإرشاد ص154
بيــان: الصريف: صوت ناب البعير .. وتهدّم عليه غضباً : توعّده .
وكواهل الغبار : أوائله ، شبّه عمره في سرعة انقضائه بالغبار وبقيته بأوائله ، فإنّ مقدّم الغبار يحدث بعد مؤخّره ويسكن بعده ، أو شبّه بقية العمر في سرعة انقضائه بأول ما يحدث من الغبار ، فإنه يسكن قبل ما يحدث آخرا ، والأول أبلغ وأكمل . ص149
خرجت أنا والأشعث الكندي وجرير البجلي حتى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس مر بنا ضب ٌّ، فقال الأشعث وجرير :
السلام عليك يا أمير المؤمنين – خلافا على علي بن أبي طالب (ع) – فلما خرج الأنصاري قال لعلي (ع) ، فقال علي (ع) : دعْهما فهو إمامهما يوم القيامة ، أما تسمع إلى الله وهو يقول : { نوله ما تولى } . ص149
المصدر: تفسير العياشي 1/275
لتت للأصبغ بن نباتة : ما كان منزلة هذا الرجل فيكم ؟.. قال : ما أدري ما تقول ، إلا أن سيوفنا كانت على عواتقنا ، فمن أومأ إلينا ضربناه بها ، وكان يقول لنا : تشرّطوا فوالله ما اشتراطكم لذهبٍ ولا فضةٍ ، وما اشتراطكم إلا للموت .
إنّ قوما من قبْلكم من بني إسرائيل تشارطوا بينهم ، فما مات أحدٌ منهم حتى كان نبيّ قومه أو نبي قريته أو نبي نفسه ، وإنكم لبمنزلتهم غير أنكم لستم بأنبياء .
المصدر: الكشي ص3
بيــان: شرط السلطان : نخبة أصحابه الذين يقدّمهم على غيرهم من جنده ، وفي حديث ابن مسعود : وتشرط شرطة للموت لا يرجعون إلا غالبين ، الشرطة : أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة ، وقال الفيروز آبادي : الشرطة بالضم : هم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت ، وطائفة من أعوان الولاة ، سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يُعرفون بها.ص151
قال الباقر (ع) : كان علي بن أبي طالب (ع) عندكم بالعراق يقاتل عدوه ومعه أصحابه ، وما كان فيهم خمسون رجلاً يعرفونه حقّ معرفته وحقّ معرفة إمامته . ص152
المصدر: الكشي ص4
روي عن رسول الله (ص) أنه كان يقول : تفوح روائح الجنة من قِبَل قرن ، واشوقاه إليك يا أويس القرني !.. ألا ومن لقيه فليقرأه مني السلام ، فقيل : يا رسول الله !.. ومن أويس القرني ؟.. فقال (ص) : إن غاب عنكم لم تفتقدوه ، وإن ظهر لكم لم تكترثوا به ، يدخل الجنة في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، يؤمن بي ولا يراني ، ويُقتل بين يدي خليفتي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) في صفين.ص155
المصدر: الفضائل ص111
قال النبي (ص) ذات يوم لأصحابه : أبشروا برجل من أمتي يُقال له أُويس القرني ، فإنه يشفع بمثل ربيعة ومضر ، ثم قال لعمر : يا عمر!.. إن أدركته فاقرئه مني السلام !.. فبلغ عمر مكانه بالكوفة .
فجعل يطلبه في الموسم لعله أن يحج حتى وقع إليه هو وأصحابه – وهو من أحسنهم هيئة وأرثّهم حالا – فلما سأل عنه أنكروا ذلك وقالوا :
يا أمير المؤمنين تسأل عن رجل لا يسأل عنه مثلُك ، قال : فلم ؟.. قالوا :
لأنه عندنا مغمور في عقله !.. وربما عبث به الصبيان ، قال عمر :
ذلك أحبّ إلي !.. ثم وقف عليه فقال :
يا أويس إن رسول الله (ص) أودعني إليك رسالة ، وهو يقرأ عليك السلام ، وقد أخبرني أنك تشفع بمثل ربيعة ومضر ، فخرّ أويس ساجدا ومكث طويلا ما ترقى له دمعة ، حتى ظنوا أنه مات ، و نادوه :
يا أويس هذا أمير المؤمنين ، فرفع رأسه ثم قال : يا أمير المؤمنين!.. أفاعل ذلك؟.. قال : نعم يا أويس ، فأدخلني في شفاعتك ، فأخذ الناس في طلبه والتمسّح به ، فقال : يا أميرالمؤمنين شهرتني وأهلكتني ، وكان يقول : كثيراً ما لقيت من عمر ، ثم قتل بصفين في الرجالة مع أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) . ص156
المصدر: روضة الواعظين ص248
ُحكي أن مالك بن الاشتر – رضي الله عنه – كان مجتازا بسوقٍ وعليه قميص خام وعمامة منه ، فرآه بعض السُّوقة فأزرى بزيّه ، فرماه ببندقةٍ تهاونا به فمضى ولم يلتفت ، فقيل له : ويلك تعرف لمن رميت ؟.. فقال : لا ، فقيل له : هذا مالكٌ صاحب أميرالمؤمنين (ع) ، فارتعد الرجل ومضى يعتذر إليه ، وقد دخل مسجداً وهو قائم يصلي .
فلما انفتل انكب الرجل على قدميه يقبّلهما ، فقال : ما هذا الأمر ؟.. فقال : أعتذر إليك مما صنعت ، فقال : لا بأس عليك!.. فوالله ما دخلت المسجد إلا لأستغفرنّ لك . ص157
المصدر: تنبيه الخواطر 1/2
عن الاحنف : شكوت إلى عمي صعصعة وجعاً في بطني ، فنهرني ثم قال :
يا بن أخي إذا نزل بك شيء فلا تشكه إلى أحد .. فإن الناس رجلان : صديق تسوؤه ، وعدو تسرّه ، والذي بك لا تشكُه إلى مخلوقٍٍ مثلِك ، لا يقدر على دفع مثله عن نفسه ، ولكن إلى من ابتلاك به ، فهو قادر أن يفرّج عنك .
يا بن أخي !.. إحدى عينيّ هاتين ما أبصر بها سهلا ولا جبلا منذ أربعين سنة ، وما اطّلع على ذلك امرأتي ولا أحد من أهلي . ص157
المصدر: تنبيه الخواطر 1/57