Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

س١/ نبارك لكم ولجميع المسلمين ذكرى مولد الإمام الرضا (ع).. بما أنكم قدمتم من مشهد المقدسة.. كيف هي الأجواء هناك في هذه المناسبة المباركة؟..
بداية نسلم على الإمام الذي كنا بجواره قبل ساعة: (السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا الحسن، يا علي بن موسى الرضا، يا حجة الله على خلقه!.. السلام عليك يا شمس الشموس، وأنيس النفوس!.. السلام عليك يا غريب الغرباء!.. السلام عليك يا مولاي ورحمة الله وبركاته)!..
إن الإنسان لا يستطيع أن يصف مشاعره عندما يزور هذه البلدة المباركة، التي تشرفت باحتضان مولانا الرضا (ع).. فالملاحظ على زوار الرضا (ع) هو حالة الأنس الشديد والسرور المفرط، على الرغم من اختلاف اللغة والثقافة والعادات.. تراه يعيش في تلك البلدة الطيبة وكأنه في وطنه.
نعتقد أن سبب هذه الحالة، هو تعويض من الله عز وجل لإمامنا الرضا (ع)، مقابل ما تحمله من المعاناة والأذى النفسي في ولايته لعهد المأمون العباسي.. فهو إمام زمانه وصاحب عصره وولي الأمر، وإذا به يساق قسراً من مدينة جده إلى أرض طوس!.. متحملاً مشقة السفر، مستلماً لإرادة الرب جلا وعلا.. والمتأمل في هذه الراوية يلحظ مدى ما كان يعانيه (ع): (كان إذا رجع يوم الجمعة من الجامع، وقد أصابه العرق والغبار رفع يديه وقال: اللهم!.. إن كان فرجي ممّا أنا فيه بالموت فعجله لي الساعة.. ولم يزل مغموما مكروبا إلى أن قبض صلوات الله عليه).
رزقنا الله تعالى زيارته في الدنيا على بعد الدار وشفاعته في الآخرة، حيث يقف شفيعاً لزواره، ويعينهم على تجاوز العقبات يوم الشدائد والأهوال، يوم الفزع الأكبر، يوم الذهول والورود، أمام الرب الإله المعبود.
قال الرضا (ع) : (من زارني على بعد داري، وشطون مزاري؛ أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى أخلّصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً، وعند الصراط، وعند الميزان).

س٢/ نود إعطاؤنا فكرة مختصرة عن فلسفة البلاء، لنتعلم كيف نوطن أنفسنا على تحمل أنواع البلاءات المختلفة؟..
إن الحياة الدنيا بطبيعتها محدودة الموارد، ومن الطبيعي أن يبتلى الإنسان في كل مرحلة من مراحل حياته بالانتكاسة.. حيث أن البلاء سنّة إلهية، ولو كان معفيا لكان الأنبياء أولى بذلك العفو. حتى النبي الأكرم (ص) لم يحقق كل أمانيه، إذ كان يتمنى دولة إسلامية خالية من المنافقين، والمرجفين، وأعداء الدين، وخالية من اليهود والنصارى.. وكذلك كان كل الأنبياء السلف، فهذا نبي الله نوح (ع) عاش ألف سنة إلا خمسين عاماً -بنص القرآن الكريم- وما آمن معه إلا قليل.. فإذن، لابد من استيعاب فلسفة البلاء.. ونورد هنا بعض النقاط:
* تصور البعد الزمني: إن الإنسان عندما يحكم على بلاء بحسن أو سوء، عليه أن يتصور أنه سيواجه سلسلة من البلاءات في خط طويل لا نهاية له: هنالك عالم البرزخ، لا ندري كم يمتد من السنين، وعرصات القيامة، واجتياز الصراط، وهنالك موقف الحساب، ودخول الجنة والنار.. فالذي يتذكر كل هذه الأمور.. هل يمكن أن يقيس المحدود باللامحدود؟!.. هل يمكن أن يقيس النهاية باللانهاية؟!..
* مبدأ التكاسر: بمعنى أن الإنسان لو كان لديه شيئاً ثميناً يتضمن ما هو أثمن.. تُرى ماذا عليه أن يعمل، أيحتفظ بالثمين أم يضحي به لأجل ما هو أثمن؟!.. إن الرب جلا وعلا ليس من فعله إلا الجميل، يدبر الأمور بحكمة بحسب ما تقتضيه مصلحة عبده المؤمن.. قد يتأذى الإنسان بنظرته القاصرة عند تعرضه لأمر ما، في حين أنه لو أطلق العنان لبصره، لرأى رحمة الله تعالى في دفع ما هو أشد وأعظم عنه، {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ}.. كمثل الذي يبتلى بفقد ابن عزيز، فيصعب عليه هذا الأمر كثيراً، فيغفل أن ما وراء ذلك أسباب وأسباب من الرحمة الإلهية العظمى، كما نقرأ في القرآن الكريم تبرير الخضر (ع) لموسى (ع) في قتله للغلام: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا}.
* رفع الدرجات: إن الإنسان بطبعه متثاقل إلى الأرض، يميل إلى الراحة والدعة، قليل الهمة.. والله سبحانه وتعالى كريم يحب عباده، ويريد لهم الدرجات العلا.. وبالتالي، يبتليهم ليعوّض هذا التقصير.
* تكفير الذنوب: ما أحلم الرب بعباده!.. تراه يتصالح مع عبده العاصي بتعريضه لهبَّات بسيطة؛ تكفر له الخطايا، وتقربه لربه، وتوقظه من غفلته، وتذكره بعجزه وضعفه أمام قوة المقتدر الجبار، وأنه لا حول ولا قوة له إلا بالله العلي العظيم.
* التزهيد في الدنيا، وصلابة الدين، وتربية الروح: إن الله عز وجل يحب أن يسمع صوت عبده المؤمن؛ فيثجه بالبلاء ثجاً؛ حتى لا يركن إلى الدنيا، ويهوى متاعها الزائل.. وبالتالي، فإنه يرتقي به مدارج الكمال .. قال الباقر (ع): (إنّ الله عزّ وجلّ لَيتعاهد المؤمن بالبلاء، كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة.. ويحميه الدنيا، كما يحمي الطبيب المريض).

س٣/ هناك أنواع للبلاء منها: الانتقامي، وما يكون رفع للدرجة، وآخر تكفير للسيئات.. كيف لنا أن نميز بين هذه الأنواع؟..
الإنسان إذا ما أصيب ببلاء في نفسه، أو في أهله، والأهم من ذلك في دينه؛ فليعمل جرداً شاملاً لعمله، ولينظر ما هي الأسباب والموجبات.. فإن وجد هنالك ما يوجب هذا البلاء، فهو انتقام وغضب إلهي، كما قال تعالى: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ}.. ومضمون بعض الروايات أن الله عز وجل ليمهل العبد إذا عمل السيئة سبع ساعات حتى يستغفر، ويتوب إلى الله تعالى توبة نصوحة، فإذا تاب غفر له، ولم تكتب عليه السيئة.. فإذن، طريقة التخلص من البلاء الانتقامي: هو دراسة موجبات ذلك، ومحاولة التخلص منها بالمحاسبة والمراقبة.

س٤/ (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل.. يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء).. ما سبب ابتلاء الله للأنبياء بالبلايا الكثيرة؟..
إن بلاء الأنبياء هو رفع للدرجة، ولإثبات صدق العبودية.. ثم إن الأنبياء هم قادة الأمم، فلابد أن يكونوا على مستوى راقٍ جداً من الصلابة والأخلاق الروحية العالية.. لذا نلاحظ بأن الله تعالى يربي أنبياءه، ويصنعهم على عينه؛ لتأهيلهم إلى تحمل أعباء المهمة الرسالية الثقيلة والعظيمة.. إن النبي الأكرم (ص) تعرض لإيذاء قريش ومؤامراتهم في بداية الدعوة، علاوة على الأذى النفسي -أرواحنا له الفداء- حيث وُصف بأنه: شاعر، وكاهن، ومجنون، وينطق عن الهوى.. حتى قال عن نفسه (ص): (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت).. من منا يتحمل مثل هذه الأوصاف؟!.. وهنا إشارة إلى أن الإنسان الرسالي الذي يحمل على عاتقه هم الدين، لابد وأن يدفع ضريبة هذا المنصب، بأن يكون على مستوى يعتد به من التحمل والصبر على المخالفين، الذين يكيدون له العداوة، أو الجهال الذين هم دونه في المستوى.

س٥/ ما الفرق بين حالة الصبر وحالة الرضا عند نزول البلاء؟..
حالة الصبر: هي الاستسلام للقضاء والقدر، مع وجود الكره الباطني في النفس.
حالة الرضا: هي حالة راقية، وهي أن يوافق ميل العبد ما يرضاه له ربه سبحانه وتعالى.
* ومن الجميل أن نذكر ما نقل عن إبراهيم الخليل (ع): (أنه عندما رمي بالمنجنيق، فتلقاه جبرئيل في الهواء فقال: هل لك من حاجة؟.. فقال: أمّا إليك فلا، حسبي الله ونعم الوكيل!.. فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أخمدت النار، فإنّ خزائن الأمطار والمياه بيدي، فقال: لا أريد.. وأتاه ملك الريح، فقال: لو شئت طيّرت النار، قال: لا أريد.. فقال جبرئيل: فاسأل الله!.. فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي).
* أيضاً مما ينقل عن سيد الشهداء (ع): (أنه كلما اشتد عليه البلاء، أشرق لونه الشريف).
* كذلك سيدتنا زينب (ع) عندما قالت مقولتها الخالدة، التي تنم عن رضاها بما جرى في يوم عاشوراء، وتسليمها لمشية الله تعالى: (ما رأيت إلا جميلا).. رزقنا الله تعالى هذه المرتبة العالية من الرضا والتسليم بمنه وكرمه.

س٦/ ما هي الحالة النفسية المطلوبة للإنسان عند نزول البلاء؟..
أريد أن ألفت النظر إلى أمر مهم جداً وهو: أن الحالة النفسية المتميزة التي يعيشها الإنسان عند نزول البلاء مع رب العالمين، لو أن إنساناً احتفظ بهذه الصورة في ذهنه ليتذكرها بعد حين، لوجد معنى هذا القول، وتمنى أن تعود له تلك الحالة الجميلة من القرب والتذلل.
ثم إن الإنسان عليه أن يعيش حالة الرضا والتسليم بما قدره الله تعالى (ولعل الذي أبطأ عني خير لي، لعلمه بعاقبة الأمور).. وعلى أقل التقادير ينبغي الصبر أو التصبر، والتجاوز عن كل ما يسخط الرب جلا وعلا.

س٧/ هل من المناسب أن يطلب الإنسان من ربه البلاء؟..
طبعاً لا، فالإنسان المؤمن يطلب من الله تعالى العافية؛ لأن العافية أوسع من البلاء.. والشاهد على ذلك هو هذا المقطع في مناجاة للإمام السجاد (ع) حيث يقول: (وَصُنْ وَجْهِي بِاليَسارِ، وَلا تَبْتَذِلْ جاهِي بالإقتار؛ فَأَسْتَرْزِقَ أَهْلَ رِزْقِكَ، وَأَسْتَعْطِيَ شِرارَ خَلْقِكَ.. فَافْتَتِنَ بِحَمْدِ مَنْ أَعْطانِي، وَأُبْتَلِيَ بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي، وَأَنْتَ مِنْ دُونِهِمْ وَلِيُّ الإعطاء وَالمَنْعِ.. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ!.. وَارْزُقْنِي صِحَّةً فِي عِبادَةٍ، وَفَراغا فِي زَهادَةٍ، وَعِلْماً فِي اسْتِعْمالِ، وَوَرَعا فِي إِجْمالٍ)!..

س٨/ إن السبب الرئيس في نزول البلاء هو حالة الانقطاع لله عز وجل.. ما تعليقكم على ذلك؟..
نعم، فهذه الحالة طبيعية جداً.. إذ أن الإنسان عندما يبتلى، يقل تثاقله إلى الأرض، وميله إلى الشهوات، ويشتد توجهه إلى الله عز وجل.

س٩/ ماذا عن الشكوى للمؤمن عند البلاء، هل هي جائزة؟..
قال الصادق (ع): (من شكا إلى مؤمن فقد شكا إلى الله عزّ وجلّ، ومن شكا إلى مخالف فقد شكا الله عزّ وجلّّ).. نعم، المؤمن مرتبط بعالم الغيب.. وأنا حقيقة عندما ابتلى بمشكلة ما -مع ما عندي مما آتاني الله من فضله من بعض الحلول- أراجع عبداً من عباد الله الصالحين، وأطرح معه المشكلة، وأقول: (يا رب اجعل الحل على لسان هذا الأخ المؤمن الذي توسلت به..).

س١٠/ هل من المناسب أن يترك الإنسان الأسباب المادية؛ معولاً على طلب المدد من الله عز وجل؟..
لا، طبعاً، هذا الكلام باطل.. فالإنسان عليه أن يعمل في الحقل المعنوي، ولكن لا على حساب الحقل المادي.. فمثلاً في مقام الاستشفاء -على حسب ما ورد في روايات أهل البيت (ع)- أن ماء زمزم، وتربة الحسين(ع)، وقراءة سورة الحمد؛ نافعة للشفاء.. ولكن هذا لا يغني أبداً عن مراجعة الطبيب المختص، لعلاج الحالة المرضية.

س١١/ ما هو أكبر درس يمكن أن نستفيده من الزلزال الذي ضرب إيران الإسلامية.. وهل هذا وعيد للناس أم ابتلاء فقط؟..
الدروس متعددة. ولكن من الممكن أن نلتمس هذين الدرسين:
الأول: القدرة الإلهية: حيث أن رب العالمين بثوانٍ قليلة يقلب الأرض بما عليها!.. بينما -كما نعلم- بعض الدول تستعمل الأطنان من القنابل لهدم مكان ما.
الثاني: القوانين الطبيعية: هنالك مناطق من الأرض متخلخلة لا تصلح للسكن، والإنسان جهلاً سكن هذا المنطقة.. ولكن رب العالمين له قوانين وسنن طبيعية ثابتة، الأمر هو مثل: إنسان أراد أن يهدم داره لإعادة بنائها من جديد، وهذه الدار عليها ما عليها من أعشاش الطيور والحشرات.. فإذن، هذا لا يدل على الإعراض أو الانتقام الإلهي.
ثم أنه من المعلوم أن هنالك أناس في حكم الشهداء، ومن ضمنهم من هدمت عليه داره.. فعطاء رب العالمين بلا حدود ولا حساب؛ يعطيهم أجراً عظيماً.. ولو كُشف الغطاء لأهل الدنيا، لعلهم يغبطونهم على ما آتاهم الله من فضله.

س١٢/ ما تعليقكم على مسألة الحظ ، ودوره في مجال الابتلاءات المختلفة؟..
إن الإنسان الذي يعتقد بهذه الاعتقادات، إنسان لا يملك أدنى ثقافة شرعية في التدبير الإلهي.. فهنالك تلازم بين سعي الإنسان، وبين نتائج عمله، يقول الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}.. ثم إن الكون محبوك حبكاً، {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.. فأين الحظ والنصيب في هذا الوجود المتقن؟!..

س١٣/ ما تعليقكم على الذين يلجؤون إلى السحرة عند البلاء.. وخصوصاً إذا كان الشخص مبتل بمرض لا يرجى برؤه، أو إذا كان محروماً من الذرية.. وهل هناك أدعية خاصة لرفع البلاء.. ثم ما هو الدرس الذي يجب أن نأخذه من بلاء أيوب (ع)؟..
* أقلّ ما نصف هذه الحركة بأنها حركة سخيفة، فالإنسان المؤمن إنسان عاقل، ومثقف، ويحكّم القواعد الشرعية في كل مجالاته الحياتية..ومن المعلوم أن كل ما يورث اليقين فهو ظن، {إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}.. وهنالك نهي شديد في الروايات عن الركون إلى الدجالين والمشعوذين، الذين يتخرصون بلا دليل.. والحال بأن خير الأمور هي الاستعانة بالدعاء: دعاء المجير، ودعاء المشلول، ودعاء يستشير.. وهناك أدعية كثيرة وجميلة نافعة لرفع البلاء.. وأنا أعتقد أن الإنسان إذا التزم بقراءة هذا الدعاء -(يا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ الْمَكارِهِ، وَيا مَنْ يُفْثَأُ بِهِ حَدُّ الشَّدائِدِ …)- بتوجه وانقطاع وتذلل، فإنه سيعطى إما الإجابة أو الصبر.
أما بخصوص طلب الذرية أنصح بالإكثار بقراءة هاتين الآيتين: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، و{رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}.
* الدرس الذي يمكن أن نأخذه من أيوب (ع): هو الصبر الجميل، وحالة التسليم والرضا الإلهي، التي نلمسها من قول الله تعالى عن لسانه: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.. وكما جاء في بعض الروايات: (عبدي!.. ادعني، ولا تعلمني).

س١٤/ نرجو منكم توضيح هذين الحديثين: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه)، و (إن المؤمن يبتلى في كل شيء، إلا في عقله)؟..
* القضاء نوعان: قضاء إلهي غير مبرم، وقضاء أبرم إبراماً.. فالقضاء الذي هو من النوع الأول، بإمكان الإنسان أن يدفعه بالدعاء.. ومن المناسب أن يطلب الإنسان من ربه دفع البلاء قبل وقوعه.. ومن الأدعية المناسبة في هذا المجال: الاعتصامات الصباحية: (أصبحت اللهم معتصما بذمامك المنيع…)، و(أعيذ نفسي وديني وأهلي …).
* الابتلاء بالعقل: أي أن يصاب الإنسان بالجنون، أو الهلوسة، أو ما شابه ذلك.. وهذه حالة مشينة تفوق الأنواع الأخرى، بأن يصاب بجرح- مثلاً- في بدنه.. وصعب جداً أن يبتلى إنسان مؤمن ومحترم ومعروف، بهذا البلاء.. والله سبحانه وتعالى يجلّ عبده من هذه الابتلاءات.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.