Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

س١/ ما ذا نعني بمصطلح العدوان والعدوانية؟..
الاعتداء لغة: هو تجاوز الحد، أما شرعاً: فهو تجاوز الحق.
أي أن هنالك حدودا مرسومة في الحياة، من يتجاوزها يعتبر معتدياً باصطلاح الإسلام والقرآن الكريم، كما قال تعالى: {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}.
ومن الجميل أن القرآن الكريم تارة يتطرق إلى العدوان في حال الخلافات الحياة الزوجية، فيقول: {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}.. وأخرى إلى التعدي الأعظم، الذي فيه سفك الدماء وهتك الأعراض.. حيث يقول تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}.

س٢/ ما هو القياس الذي نبني عليه تجاوز الحدود؟..
لقد وقع بحث عميق بين العلماء حول ماهية الحق، ومن أين أخذ الحق جانبه الإلزامي.. هنالك أكثر من مذهب في ذلك:
* الجعل البشري: أي أن أمة من الناس اجتمعوا على وضع قانون معين اتفق عليه الأغلبية. سواء كان هذا القانون بحق أو بغير حق، المهم أن يكون موافقاً للميل البشري.
* البناء على الحرية الذاتية: إن الإنسان له الحرية المطلقة في تصرفاته، حتى لو اصطدمت مع حقوق الآخرين وحرياتهم.
* الجعل الإلهي: الحق هو جعل إلهي إلزامي أو تنفيري، بحسب الأحكام الأربعة: وجوباً، واستحباباً، وكراهة، وتحريماً.
فإذن، إن تجاوز الحق أو الحد، هو تجاوز هذه الأحكام المجعولة من قبل الشارع.

س٣/ ما هي صور العدوان في الحياة؟..
أولاً: العدوان على الجمادات: إن الإسلام اهتم بالبيئة، ونهى عن الإفساد فيها.. وهنالك عدة أحاديث في هذا الأمر، نورد منها:
* نهي الرسول الأكرم (ص) عن إلقاء السم في بلاد المشركين.. وهو ما يسمى هذه الأيام بالأسلحة الكيماوية.
* النهي عن قطع الأشجار، والاهتمام بزراعتها: قال رسول الله (ص): (من قطع شجرة، فليغرس مكانها)، وفي حديث آخر: (ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا؛ فيأكل منه إنسان أو دابة أو بهيمة.. إلا كان له به صدقة).
قال الصادق (ع): (إن أمير المؤمنين (ع) كان يخرج، ومعه أحمال النوى فيقال له: يا أبا الحسن، ما هذا معك؟!.. فيقول: نخلٌ إن شاء الله، فيغرسه.. فما يغادر منه واحدة).
ثانياً: العدوان على الحيوان: كما أوصى بالعناية بالحيوانات، ونهى عن التعدي عليها وإيذائها، والروايات أيضاً كثيرة، نورد منها:
* قول النبي (ص): ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش (حشرات) الأرض.. فماتت).
* وقال عبد الله بن مسعود: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته.. فرأينا حُمرَّة (هو نوع من العصافير) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة تَعْرُش (تحملق وتطير طيراناً منخفضاً) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من فجع هذه بولدها؟.. رُدّوا ولدها إليها).
ثالثاُ: العدوان على الإنسان: ومن صوره:
* الاعتداء على الإنسان المخالف في الفكر والعقيدة: هنالك آية في القرآن تثير عواطف المشركين، إذا كانوا في مقام الاهتداء، وهي قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ}.. والآية واضحة في التعامل مع المشرك الجاهل، لا المعاند أو المحارب.. وخير أسوة لنا هو النبي المصطفى (ص)، حيث كان يحسن التعامل مع أسرى المشركين وقتلاهم، وهو الذي عفا عنهم في فتح مكة بمقولته الخالدة: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)!..
* الاعتداء على الإنسان المسلم: قال الصادق (ع): (المؤمن أعظم حرمة من الكعبة)؛ لأن الكعبة مظهر صامت من مظاهر التوحيد، في حين أن المؤمن من مظاهر التوحيد الناطقة.. قال الرسول (ص) : (كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه).
* ظلم الذات: وهذا من أقبح صور الظلم، أن يظلم الإنسان نفسه التي هي أحب شيء عنده: بتجاوزه الحدود، أو بغفلته عن جعلها في طريق التكامل.. والقرآن يعبر عنه بالظلوم الجهول، أي كثير الظلم والجهل.. فلو تأملنا في سورة العصر: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.. نجد أن هنالك قسما {وَالْعَصْرِ}، والجنس المحلى بأل {الْإِنسَانَ}، لام التوكيد، و{إِنَّ} التوكيد.. معنى هذا: أن كل إنسان منا في خسر!.. وإذا أردنا أن نخرج من هذه الدائرة، علينا أن نأتي بدليل، وإلا فمع الشك فإننا قطعاً في حالة الخسران المستمر!.. إلا إذا كنا من مصاديق ذيل الآية : {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.

س٤/ ما الذي تجنيه الأمة من رد العدوان.. ولماذا لا نطبق قاعدة الصفح والمسامحة والعفو؛ لكونها مبادئ أساسية ركز عليها الإسلام؟..
هنالك آيتان في القرآن الكريم، لرد العدوان بالمثل: بتعبيرين مختلفين، وبذيلين متشابهين:
الأولى: قال تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.. لماذا أردف الله تعالى رد الاعتداء بالتقوى؟..
الثانية: قال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ}.. لماذا الحث على أفضلية الصبر هنا؟..
إن العلماء بحثوا هذا التناقض بين صدر الآية وذيلها؛ فتوصلوا إلى أن هنالك موارد مختلفة في مجال رد العدوان:
* المقابلة بالمثل والردع الشديد؛ للوقوف في وجه الظالم، حتى لا يزداد طغياناً وعتواً.. وذلك في مجال الخلافات التي تهدد كيان الأمة، مع مراعاة الدقة في تطبيق الحدود الشرعية.
* الرد بالتي هي أحسن في مجال الخلافات الفردية، سواء في التعامل الأسري أو الاجتماعي؛ تطبيقاً لقوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.
فإذن، لابد من التفريق بين هذين الأمرين: في المعاقبة بالمثل، أو الصفح.. ومن المناسب أن نذكر فعل علي (ع) عندما جلس على صدر العدو، يريد أن يقتله، وإذا به يقوم عنه ويتريث قليلاً، عندما بصق اللعين في وجهه الشريف؛ لئلا يكون العمل الرسالي من منطلق الانتقام للذات، وهو بذلك أراد أن يعلمنا درس التقوى حتى في مثل هذه الحالات.

س٥/ ما هي الشروط التي يمكن أن تحقق لهذه الأمة رداً حقيقياً للعدوان؟..
هنالك عدة عوامل للانتصار، ومن المكن حصرها في هذه النقاط:
* الوحدة والاتحاد: بالوقوف صفاً واحداً في قبالة الكفر، الذي وقف في هذا العصر أمام الإسلام في جبهة واحدة.
* تطبيق قاعدة التزاحم: بتقديم الأهم فالمهم، وهذا هو الملحوظ في دعاء أهل الثغور للإمام السجاد (ع)، والذي يعد من أروع الأدعية لنصرة الجيش الإسلامي، مع أن الإمام (ع) كان مبتور بأبيه، ولا زال يعيش مأساة الطف الفجيعة، وأن زمام الأمور بيد الفسقة من أعداء أهل البيت (ع).. إلا أنه (ع) كان يراعي هذه القاعدة، ويدعو لوحدة صفوف المسلمين، بغض النظر عن اختلاف توجهاتها الفكرية؛ لأن في ذلك عز ونصرة للإسلام.
* إعداد القوة والاستعداد للقتال: قال تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ} .. من قال أن إعداد القوة منحصرٌ بالعتاد والعدة المادية؟!.. إنما المطلوب هو إعداد القوة بكل صورها: بالدعم الثقافي، والسياسي، والاقتصادي.
* استنزال المدد الإلهي: إن ملائكة النصر في بدر لها موجباتها، فالمدد الإلهي لا يأتي جزافاً.. كما ينقل أن الملائكة كانت تسدد سهام المسلمين وضرباتهم، حيث كان السهم ينطلق من المسلم، فيتبع الكافر حتى يقتله!.. أو إن أحدهم يشير بسيفه إلى المشرك، فيقع رأسه من جسده قبل أن يصل إليه السيف!.. نحن إذا نصرنا رب العالمين، سنكون في معرض الرحمة الإلهية، واستنزال المدد الغيبي.. ثم نلاحظ التصرف الإلهي في قلوب الكفار في أحد، حيث أن رب العالمين قذف في قلوبهم الرعب، فرجعوا بعد المعركة ولم يقتلوا النبي (ص) ولم يدخلوا لنهب المدينة!.. فإذن، إن المدد الإلهي سيأتي في وقته بدعم الجبهة الإيمانية.

س٦/ تحدثنا كثيراً عن ضرورة فضح الممارسات العدوانية، التي يتعرض لها الإنسان، أو التي يتعرض لها المجتمع؛ في سبيل كشف هذه الممارسات، وبالتالي تحديد الأسلوب المناسب في مواجهتها.. فمن هو الشخص المخول لتشخيص تلك الأساليب؟..
نحن نعتقد بأن في زمان الغيبة المكلف لمثل هذه الأمور، هو العالم العادل الذي ألم بجميع علوم الشريعة، كما جاء في الحديث الشريف: (وأما من كان من الفقهاء صائن لنفسه، حافظ لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه.. فعلى العوام أن يقلدوه). وهو ما يسمى في عرفنا اليوم بـ (المرجع)، الذي هو على قدر من الشجاعة، وتحمل المسؤولية.. وفي أعلى درجات الإخلاص، والنزاهة، والخوف من الله عز وجل.

س٧/ أمام كل صور العدوان المختلفة في العالم.. قيل بأن الشر أصيل في الإنسان، وأن العدوان عميق في الطبيعة البشرية.. فما هو رأيكم في ذلك؟..
إن هذا التعبير غير علمي.. ولكن نحن لا ننكر أن في وجود الإنسان مواد قابلة للشر.. ومن هنا نلاحظ قول الملائكة لله تعالى: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء}.. فالعلماء بحثوا أنه من أين علمت الملائكة بهذا الأمر؟.. فسر البعض بأنه: ربما كان هنالك أجيال بشرية منقرضة، والبعض يقول -وهو الرأي الأرجح-: أن الملائكة اطلعت على أن في الإنسان قوتين:
القوة البهيمية: وهي جانب الشهوات، والميل إلى اللذائذ والمتع الرخيصة.. والشاهد قول الملائكة: {مَن يُفْسِدُ فِيهَا}.
والقوة السبعية: وهي ما يدفع الإنسان إلى تجاوز حق الآخرين، والاعتداء عليهم؛ من باب إثبات مصلحته الذاتية.. والشاهد قولها: {وَيَسْفِكُ الدِّمَاء}.
وهذا فعلاً الذي حصل، حيث وقعت أول جريمة بشرية على وجه الأرض، عندما قتل قابيل -بمنطلق القوة السبعية- أخاه هابيل.. وقد ورد في الروايات: أن سرية من سرايا المسلمين، كانت تقاتل وعادت؛ فاستقبلها رسول الله (ص) ووقف خطيباً بهم قال: (مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر، وبقي عليهم الجهاد الأكبر).. قالوا: وما الجهاد الأكبر، يا رسول الله (ص)؟!.. قال (ص): (جهاد النفس).. وعليه، فإنه يلزم تنقية الذوات؛ لأن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

س٨/ تستشري حالة اليأس والإحباط في قلوب الناس؛ لما يرونه من استكبار الظالمين، وتسلطهم على مقدرات الشعوب، وقهرهم للضعفاء والمستضعفين.. فكيف السبيل لتجاوز هذه الحالة؟..
إن المراجع لسير الحضارات البشرية في التاريخ والقرآن الكريم، يلاحظ انتصار الحق واندثار الباطل على الدوام.. فمن كان يتصور أن موسى (ع) سينتصر على فرعون أعتى الطواغيت، الذي وصل به الجبروت أن يدعي الألوهية {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}!.. فموسى (ع) عندما وصل إلى نقطة أنه لا مفر له من العدو: البحر من أمامه، والعدو من ورائه.. وإذا بهذا البحر ينفلق كالطود العظيم، ويشكل جسراً يعبر من خلاله.. وكذلك قضية النبي (ص) في غار ثور.. من كان يعتقد بهذا المخرج الإلهي؟!.. ومن هنا نقول: بأن الذي يعلم بأن الله عز وجل يتدخل في الساعة المناسبة؛ لترجيح أو تغليب كفة الإيمان، هل يعيش حالة من حالات اليأس؟!.. إن الله تعالى بناؤه على ترك الحرية للإنسان في سلوكه الفردي (لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين).. يدع الناس وشأنهم، كما في قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.. ولكن إذا وصل الأمر إلى العبث في قضايا الأمة ومقدراتها، فإن رب العالمين له تدخل مباشر في الوقت المناسب، وبالطريقة التي يعلمها؛ لإنقاذ عباده الصالحين.. جاء ما مضمونه: (عبدي!.. ادعني، ولا تعلمني).

س٩/ ما هي الأشياء التي يمكن أن تحصلها الأمة إذا ما كفَّت اعتداءها عن الآخرين؟..
قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.. الله سبحانه وتعالى يصف هذه الأمة، بأنها كانت في بعض مراحل حياتها أمة عادلة ومتميزة.. ونحن نلاحظ أن أفضل صورة متميزة حقيقية للأمة، وأنقى خط، كان أيام بداية الدعوة في مكة، أثناء تلقي النبي (ص) وأصحابه للتعذيب والأذى من قريش.. حيث كان تعذيب بلال، وعمار، وياسر، وسمية.. فهذه بحق من أروع ما سُجل في التاريخ، من التفاني مع النبي الأكرم (ص).. إن حالة العدالة الاجتماعية في الأمة تنتج من المفردات، عندما يكون كل إنسان عادل في سلوكه، وفي تعامله مع الآخرين.. فقط لو أن الإنسان استحضر حقيقة هذه الآية: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.. بأن الله تعالى يرى ويسمع التحاور أياً كان: مع الزوجة في المنزل، أو في الاجتماعات السياسية، أو في القرارات الأممية.. لكفته رادعاً عن الخوض فيما لا يرضي الله عز وجل.. قال النبي المصطفى (ص) وكأنه يصف حالنا اليوم: (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها).. قيل: يا رسول الله!.. أمن قلة يومئد؟.. قال: (لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب أعدائكم.. لحبكم الدنيا، وكراهيتكم الموت).

س١٠/ الكثيرون لديهم اعتقاد بأن رد العدوان والاعتداء والظلم عن كاهل هذه الأمة، لن يتحقق إلا بظهور الإمام المهدي (عج).. فما هو تعليقكم على ذلك؟..
من المعلوم أن الإمام المهدي (عج) هو نقطة الالتقاء بين جميع الأديان، ومحط أنظار المستضعفين في العالم.. ثم أن الإمام (عج) لو أراد أن يظهر بحركة إعجازية أو بمدد إلهي، لظهر منذ سنوات خلت؛ ولكن هذا التأخير من أجل تهيئة الأرضية، وظهور من يُسمون بالممهدين لدولته الكريمة.. فهو الذي سيحقق تنبؤ النبي (ص)، ويحقق أمله، عندما بشر باثني عشر خليفة كلهم من قريش، ونحن نعلم بأن الثاني عشر هو المهدي من هذه الأمة.. أدركنا الله تعالى دولته الكريمة قريباً عاجلاً!..

س١١/ هل من كلمة أخيرة نختم بها هذا اللقاء؟..
بما أن هذه الليلة هي ليلة جمعة من المناسب أن نقول: بأنه ينبغي أن يخصص الإنسان لحظات ليعود لنفسه؛ فإن رد العدوان عن الأمة يبدأ بصلاح الأفراد.. ومن سبل الصلاح: أن يكون للإنسان ساعات في ليله ونهاره يختلي مع نفسه (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم).. وهذه الليلة من المحطات المهمة لاستنزال الرحمة الإلهية، والإنابة، وطلب المدد منه تعالى.. ومن المناسب في مواطن الإجابة، وعند إدراك حالة الرقة، الدعاء لفرج هذه الأمة: (اللهم!.. اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بفرج وليك)!.. نسأل الله عز وجل أن يحقق هذه الدعوة بمنه وكرمه.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.