Search
Close this search box.
Layer-5-1.png
نص المحاضرة (النسخة الأولية)

﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ – آل عمران ١٥٩ ﴾ وقال تعالى ﴿ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ – الشعراء ٢١٥ ﴾ وقال سبحانه وتعالى : ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً – الفرقان ٦٣ ﴾ هناك خطأ عرفي شائع حيث نفهم من حُسْنُ الخُلْقْ أن هذا الإنسان دائم الابتسامة ، يتغاضى عن الأخطاء ، يرد السيئة بالحسنة ، بينما حُسْنُ الخُلْق صفة جامعة في النفس ، هناك حركات قلبية ، هذه الحركات تؤثر في جوارح الإنسان . مثال : البخيل عندما يقال له ادفع مالا ولا يدفع ، أين المشكلة ؟ المشكلة ليست في أن يده لا تدخل في جيبه ، هذه حركة بسيطة ، إنما المشكلة : أنه ليست هنالك نية في الباطن ، ليست هنالك صفة حُسْن الخُلق في باب الإنفاق ، وهذا هو المؤثر في عدم إنفاقه .

والإنسان المؤمن إذا أراد أن يتكامل … وأن يهذب نفسه … وأن يحصن جوارحه … عليه أن يفتش في الصفات الباطنية … عليه أن يفتش في زوايا نفسه .. في بعض الأحيان تكون في المؤمن صفة كامنة في نفسه ، الإنسان لا يلحظها مثل الجراثيم الكامنة في البدن ، فإذا أصاب جسم الإنسان ضعفا تأتي هذه الجراثيم لتلقي الإنسان أرضا .

موضوعنا اليوم حول الرفق ، ومن مصاديق الرفق ترك الحدة في المزاج ، فالذي لا يعالج هذه الصفة يُخشى عليه في كل لحظة وفي كل موقف ، فهو يكشف أوراقه وخبائث نفسه وضغائنه أمام الآخرين في لحظات انفلات الأعصاب ، ويُقَال : ( سرك مثل دمك فلا تجريه فى غير عروقك فأنك متى تكلمت به أرقته ) فأنت عندما تبين موقفا سلبيا من إنسان كتمته سنوات أو أشهر فأنت أوقعت نفسك في حرج عظيم ، ولا يُعَوّد الإنسان على جبر الخاطر بعد كسره ، والجبر لا يعيد الشي صحيحا إلى ما كان عليه ، في علاقاتنا الاجتماعية والعائلية … المؤمن يتجنب الخطأ ( إياك وما تعتذر منه ) لاتخطىء لكي لا تعتذر … من أول الأمر تحاشى موجبات الاعتذار … وهَبْ أنك جبرت بعد الكسر ، ولكنَّ هذه الساعة التي عشتها من الانكسار بعد خطئك ما الذي يعوضها ؟ . فالمؤمن عليه أن يعيش هذه الحالة من الرفق . في روايات أهل البيت عليهم السلام هناك تأكيد شديد على مسألة الرفق في التعامل ، وأول مصاديق الرفق :

الرفق بالنفس : قد يستهوي بعض المؤمنين جوا عباديا معينا ، فيلقوا أنفسهم في شيء من التعب ، الرفق هنا مطلوب ، فعندما تكون مرهقا وتريد قراءة القرآن الكريم فأجِّل ذلك إلى وقت فيه إقبال . آخر عنده مشكلة في الجهاز الهضمي أو ماشابه فليس من الضروري أن يجبر نفسه على الصيام ، عن أبي عبدالله الصادق (ع) : ( اجتهدت في العبادة وأنا شاب، فقال لي أبي: يابني دون ما أراك تصنع بمعنى : لم ترهق نفسك في العبادة ؟ فإن الله عزوجل إذا أحب عبدا رضي منه باليسير ) . وهذا دأب أئمتنا يجتهدون في العبادة وهم شباب ، يغتنمون فترة الشباب ، فالإنسان عندما يكبر فإن بدنه لا يطاوعه ، فمثله كمثل السيارة التي أكل عليها الدهر وشرب ، كلما أراد أن يسرع بها لا تطاوعه . وللأسف هناك منطق في ذهن بعض الشباب أنهم سيتوجهون لله بعد الأربعين … من ضمن لك الرجوع ؟ أضف إلى ذلك أن عبادة الشاب متميزة عند رب العالمين يباهي بها الله ملائكته ، عندما يقوم الشاب في صلاة الليل وهو متعب فينام في سجوده ، يقول الله لملائكته :انظروا إلى عبدي يُرهق نفسه فيما لم أفترض عليه ، جسمه في الأرض وروحه في السماء ، لأن الإنسان عندما ينام يتوفى الله روحه ﴿ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا – الزمر ٤٢ ﴾.

إن الرفق من الأمور التي تعين الإنسان على تنفيذ أهدافه ، فإذا كان عندك هدف في تربية أسرتك … في تربية المجتمع …. فهل تعلم أنك إذا أدخلت الرفق كنت موفقا في تحقيق هدفك؟.. والإنسان إذا كانت عنده حالة من حالات العصبية فهذا الإنسان فاشل في تربية أولاده . عن الرسول (ص) : (هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ) ، و يقول الإمام ( ع) : (إن الرفق لم يوضع على شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه ) إنَّ دعوتَك الأولاد لأي أمر حسن يفترض ألا تقترن بالخُرْق بالشدة والغلظة . و المؤمن إذا اتصف بصبغة الإيمان في مجتمع ما … في العمل … في البيت … ولم يلتزم بقواعد الشريعة فقد أساء إلى الدين أيَّما إساءة ، بل أن الولد يعصي أباه في بعض الأحيان عنادا له ، يقول له الأب اذهب إلى المسجد فلا يذهب إغاضة للأب ، هناك حدة ونفور ، بل أن بعض الزوجات السافرات يتركن الحجاب عنادا لأزواجهن دون أن يعبأن بالحلال والحرام ، فقط لإغاضة الزوج والإساءة إليه . وهذا شيء خطير أن ينتقم منك ابنك أو زوجتك … من خلال الشريعة ، وللأسف هناك من يأخذ مواقف سلبية من الدين بهذا العنوان ، وهذه حالة عوامية قاتلة . وعندما يُسْأل أحدُهم : لم تعمل كذا ؟ … يجيب : لأن فلان المؤمن يعمل هكذا ، فهل جعل هؤلاء أسوة له ؟ ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ- الأحزاب ٢١ ﴾ رسول الله (ص) والإئمة المعصومون (ع ) من ولده هم الأسوة ، أما غيرهم فلا حجة في أقوالهم وأفعالهم ، ومنطقهم في ذلك ( حشرٌ مع الناس عيد ) و هذا ليس منطق المؤمن أبدا .

( ولا نزع من شيء إلا شانه) الأب المربي والزوج والصديق المربي … عليه أن يلتزم جادة الرفق . هل تعرفون مخلوقا ادعى الربوبية غير فرعون ﴿ فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ – النازعات ٢٤ ﴾ ليس الرب العادي وإنما الأعلى في مجموع الأرباب ، ومع ذلك عندما يؤمر موسى ( ع) بالذهاب إلى فرعون يقول له عزوجل : ﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ – طه ٤٤ ﴾ يأمرالله موسى ( ع) أن يقول لفرعون قولا لينا ، وأنا في تعاملي مع صديقي المؤمن وأولادي … أعمل مالم يعمله موسى مع فرعون الطاغية .

الرفق الجماعي : في حديث شريف : ( إذا أحب الله أهل بيت أدخل عليهم بابَ رفقٍ ) والرفق يعطي ثماره إذا كان الجو العام جوَّ رفق ، ونحن نلاحظ في تربية الأمهات – خاصة – في تربية الأطفال الصغار على كل صغيرة وكبيرة وإذا الصوت يرتفع ، والعصى ترتفع ، والضرب ، والتوهين الذي لا يجوز خاصة للبالغ – والأدلة التي تحرم علينا إيذاء المؤمن تنطبق على البنت البالغة – بأي حق شرعي يؤذي الوالدان بنتا عمرها تسع سنوات ؟… كذلك غيبتها .. توهينها .. وهنها .. إيذاؤها .. إزعاجها .. رفع الصوت عليها .. كل ذلك لا يجوز إلا في ضمن بعض المقررات الشرعية ، إذا توقف عليه أمرٌ بمعروفٍ أو نهي عن منكر . بل نرى بعض الأمهات يضربن حتى الأطفال الرضع !!.. الذين رفع اللهُ عنهم القلم . ولابأس بالرفق الجماعي بأن يذكر الأبوان بعضهما بالرفق ، و ساعة الحدة و الغضب هي نفثة من نفثات الشيطان .. تأتي وتذهب ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ – الأعراف ٢٠١ ﴾ قاوم لحظات ثوان ، وإذا بهذا الغضب يمرُّ كأنه سحابة عذاب قد ارتفعت عنك ، إذا كنت قائما اجلس ، توظأ ، صلِّ ركعتين ، اخرج من المنزل ، افعل ماشئت من الانشغالات ، المهم أن تخرج من جو الغضب ، وإذا بك ترى أنَّ هذا الأمر ميسور ، لا تأخذ أي قرارا وقت الغضب ، لا تتكلم بكلمة في حال الغضب ، لا تمدَّ يدا في حال الغضب ، فإن الشيطان متمثل في بني آدم كأعظم ما يكون التمثل عند الغضب .
الرفق بالبشر : رفق الإنسان بالبشر يُوجب رفق الخالق بهؤلاء البشر ، هناك قواعد للتعامل مع الأصدقاء ، في الحديث الشريف : (ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا وأحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه) مادمتَ اتخذت صديقا كن شفيقا … كن رفيقا ، وإذا أردت أن تكون من أولياء الله عزوجل ارفق بإخوانك المؤمنين ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ).

من النقاط المهمة في مجال الرفق :
١- الرفق لايعني الدلال الباطل … لا يعني تسييب الأمور .. لا يعني خلق حالة الفوضى في البيت … الكبير يأكل الصغير .. والصغير لا يحترم الكبير .. لا يعني أن تتطاول المرأة في الكلام فيُسْكَت عنها … هذا ليس منطقا ، هناك حدودٌ . يقول الإمام (ع) في كتابٍِ له لبعضِ عُمَّاله – و هذا بيانٌ تربوي – وقد كان الإمام (ع) يتفقد العمَّال في صغارالأمور وكبارها : ( اخلط الشدة باللين ، وارفق ما كان الرفق أرفق ) فالرفق ليس قيمة نهائية ، عليك أن تخلط اللين بالشدة . هناك عبارة جميلة : عندما يستدعي الأمر الغضب اجعله على الجوارح فقط ، إياك وأن تجعله ينفذ إلى داخلك ، فقط على الوجه احمرار ، انفتاح في بؤبة العين ، شيء من الصوت الخشن أو القاسي عند الضرورة ، ولكن دع القلب هادئا تماما ، وعلامة ذلك أنك إذا جئت إلى المسجد للصلاة بين يدي الله ، وكأنه لاشيء ، ينتهي الموقف ، موقف ٌ تصنعي ، الغرض من ذلك التأديب ، لا أن تصلي وأنت تعيش غليانا في نفسك ، وهذه علامة أن الغضب تغلغل إلى جوفك ، فالإمام يطلب من الإنسان أن يمزج بين الشدة واللين لأغراض تربوية ، ويقول الإمام (ع) ( إذا كان الرفق خُرْقا كان الخُرْقُ رفقا ؟) علينا أن نجعل كل شيء في موضعه ، ويقول الإمام : ( ربما كان الدواء داء ، والداء دواء ) أنت تريد أن تصلح أمر ولدك بالغضب أو بالحدة ، وإذا بهذا الغضب يجعل بينك وبين الولد والزوجة هوَّةً عميقة ، إذ لا يصبح لكلامك قيمة أو أثرا لوجود الحاجز النفسي بينك وبين من تريد تربيته .
٢- الرفق الظاهري يوجب الرفق الباطني : قد تقول الزوجة : زوجي لا يفيد معه الرفق ، وتعاملي برفق معه يجعله يتمادى في سوء معاملتي ، فماذا أفعل ؟ الجواب: لا تغفل عن المدد الإلهي في هذا المجال ، قال الباقر أو الصادق (ع) : (إن الله رفيق يحب الرفق ، ومن رفقه بكم تسليلُ أضغانكم) إذا كان في قلب أخيك ضغن عليك ،ارفق أنت به ﴿ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ – المؤمنون ٩٦ ﴾ رب العزة والجلال يستل الأضغان من قلوب المؤمنين ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ – الحجر ٤٧ ﴾ لم لا نعتمد على هذه الوعود الإلهية ؟ ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً – النساء٨٧﴾ ﴿ إِن يُرِيدَآ إِصْلَٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ – النساء ٣٥﴾ لو أن هذه الآية يأخذ بها الأزواج المتخاصمين في المحاكم العائلية لرجع الزوجان إلى التي هي أحسن . قد يستشعر بعض المؤمنين صعوبة رجوع العلاقة بعد الخصومة علاقة الصداقة .. علاقة الزوجية ، بينما يقول القرآن:﴿ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ – فصلت ٣٤ ﴾ ما الذي جعل العدو هو الولي الحميم ؟﴿ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً – آل عمران ١٠٣ ﴾ مجتمع المدينة كان يتألف من الأوس والخزرج … من المهاجرين والأنصار … من الأغنياء والفقراء … تركيبة مشكلة ، ولكنَّ الله عندما ألف بين قلوبهم خلق هذا المجتمع الموحد الذي يمتثل أوامر النبي سلما وحربا ، فالرفق بالمخلوقين يوجب تدخل رب العالمين في تليين القلوب ، لهذا كلما زاد الإنسان إيمانا زاد محبوبية في قلوب الخلق ، تذكر بعض الروايات : ( أن المؤمن ينثر حبه في ماء البلد ) من يشرب ذلك الماء يدخل حب هذا الإنسان في قلبه . عندما تنزل إلى بلد من أرض المطار قل هذا الدعاء : ( اللهم حببني إلى أهلها ، وحبب صالحي أهلها إلي ) ما المانع أن يجعل الرحمن للإنسان ودا ؟
٣- الرفق بمن لا ناصر له إلا الله : الشريعة المقدسة تأمرك بالرفق بالحيوان ، فكيف ببني آدم ؟ الإسلام قبل قرون جاء بالدفاع عن حقوق الحيوان ، قبل جمعيات حقوق الحيوان في الغرب ، يقول الإمام علي (ع ) : ( إذا ركبتم الدواب العجف – الهزيلة – فأنزلوها منازلها ، فإن كانت الأرض مجدبة فانجوا عنها – أي لا تبقى فيها – وإن كانت مخصبة فإنزلوها منازلها ) الإسلام يأمرك بالرفق بالحيوان فكيف بالأسراء ؟ هل تعلم من هم الأسراء ؟ هم الخدم في البيوت … في أحيان نلاحظ أن معاملة أولياء المنزل لهؤلاء المساكين تفوق عليها معاملتنا للدواب ، هؤلاء ليسوا عبيد وليسوا إماء ، هؤلاء موظفون عندك ، هناك ساعات عمل … هناك شروط … عليك أن تفي بهذه الشروط … بأي منطقٍ شرعي يعامل هذا الإنسان معاملة الدابة ؟ … ثم يشكو الإنسان … آه من وجع القلب … آه من غضب الأولاد .. آه من عقوق الوالدين … في الواقع إن هذا الظلم يثير غضب رب العزة والجلال . ونحن نعلم أن المؤمن تصفى حساباته في الحياة الدنيا قبل الآخرة ، بعض البلاءات بسبب عدم رحمتنا لمن لا ناصر له إلا الله ، يخشى هذا المسكين من مراجعة مكتب الخدم ، أو سفارة بلده خوفا من الطرد ، وفي الليل يتقلب على الفراش ويبكي ، لو أن يهوديا أو كافرا يدعو عليك بحق لاستجيب له ، فكيف بدعوة مسلم أو مؤمن أو مظلوم .
٤- إن الرفق مانعٌ من الندامة : يقول الباقر (ع) ( لكل شيء قُفْل وقفلُ الإيمان الرفق ) الإيمان الذي لارفق معه ، كالبيت الذي لا قفل له ، يدخله كل من هبَّ ودب ، يأتي الشيطان في كلِّ لحظة ليثيرك على أعزِّ الناس عليك ، إثارة قد تصل حتى للقتل . فمثل الإنسان المؤمن الكريم قائم الليل ولكن لارفق له ، مثل من بنى بناء حسنا وأثثه بأفخرالأثاث ، ولكنه تركه بدون قفل ، في كل لحظة يدخل الشيطان لينتخب أفضل الجواهر في ذلك المنزل ، وهو أمهر السراق في تاريخ البشرية ، فلابد من وضع أقفال من الرفق على أبواب بيوتنا .
٥- الرفق يوجب المحبة في قلوب الناس : ولا يوجد إنسان لايحب محبة الناس … لا يحب أن يكون محبوبا اجتماعيا … في قلب الزوجة ، في الروايات قول الرجل لزوجته إني أحبك لايذهب من قلبها أبدا ، ماالطريق لمحبة الآخرين ؟ عن الصادق (ع) : ( من كان رفيقا في أمره نال ما يريد من الناس ) ، رجل الدين الذي يريد أن يكون كلامه مقبولا من الناس فلا بد من الرفق … للمدير الذي يريد أن يكون ناجحا مع الموظفين في شركته… لرب الأسرة …( إن شئت أن تكرم فلِن ، وإن شئت أن تهان فاخشن ) أصحاب الحدة في المزاج يظنون أنه لا يوجد من هو أحد منهم في مزاجه ، ولكن لا يوجد ظالم إلا ويُبْلى بأظلم منه .

٦- ازدواجية الرفق : البعض في العمل في الوظيفة لا يوجد أحسن منه ، وفي المنزل بركانا مع الزوجة والأولاد . يلقى الناس بوجه طلق … ويسلم على والديه بتثاقل . المطلوب هو الرفق العام مع الجميع

من صور الرفق :
– سُئِلت السيدة عائشة : لم وصف الرسول (ص) بالخلق العظيم ؟ إشارة إلى قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ – القلم ٤ ﴾ . فأجابت بهذه الحادثة : وقع نزاع بين زوجات النبي ، إحداهن قدمت طعاما للنبي (ص) ، الأخرى أخذت الإناء ورمته على الأرض فانكسر، تناثر الطعام على الأرض ، أخذ الرسول (ص) يأكل من الطعام الذي وقع على الأرض ، وهو ينظر إلينا ، ولا يقول شيئا .
– إن غاية ما يعامل به الرسول (ص) وحشي قاتل عمه الحمزة ، والممثل به أن يقول له : لا تقف أمامي .
– ثويبة جارية أبي لهب جاءت له في يوم من الأيام في ليلة الاثنين و قالت : بُشراك ، ولد لعبد الله ولد . اشتد فرح أبي لهب ، فأعتقها كرامة لهذه البشارة . يقول العباس رأيت أبا لهب في المنام ، يقول في ليلة الإثنين وأنا في جهنم في عالم البرزخ ينبع ماء بين السبابة والإبهام ، أمص ذلك الماء في نار جهنم كرامة لعتقي جاريتي ثويبة عندما بشرت بميلاد المصطفى (ص) . فكيف بالموالي المحب ؟

الدروس العملية :
١- اسأل من حولك بين فترة وأخرى في الأوقات المناسبة: هل أنا إنسان لين أو خشن ؟ ترى العجب العجاب ، ترى النفوس التي تحمل عليك ، وأنت تتصور نفسك خلاف ذلك .
٢- للإنسان الحق في أن يغضب ، ولكن إياك أن تبرز الغضب في ساعة غير مناسبة … إياك أن تتخذ قرارا في ساعة الغضب ، بعض الأحيان نسمع الكفر من المؤمن عندما يغضب .
٣- عندما تغضب انفرد بنفسك ، انظر لنفسك في المرآة ، فإنك لن تطيق صورتك وأنت غاضب.

Layer-5.png

ملاحظة: هذا النص تنزيل لصوت محاضرة الشيخ حبيب الكاظمي فقط، ولم يمر بمرحلة التنقيح واستخراج المصادر بعد.